Sunday, January 16, 2005

اتبعي قلبك

استيقظ على طرقات الباب
ماذا ! هل نمت ؟! يا إلهي لقد نمت فعلا
أرفع ناظري إلى ساعة الحائط
الخامسة بعد الزوال !!! أووه ، نمت ما يقارب السبع ساعات
أقفز من على سريري و أقف أمام المرآه
و جهي مثير للشفقة و خصلات شعري متناثرة في كل اتجاه
أفرك وجهي بشدة لأزيل هذا الوجه التعس الحزين
و ألملم شعري كيفما اتفق، و أجيب على طارق الباب ( تفضل ) تدخل (سانيا) و في يديها صينية الغداء
ألمح عينيها الصادقتين كصفحتي كتاب يروي حكاية قلق و وجع
تضع الصينية على الطاولة و تهم بالخروج ، إلا أنها وقفت عند الباب
و عادت أدراجها و ضمتني
هامسة في أذني (كل شي سيكون على ما يرام ، اتبعي قلبك ) كدت أنفجر ضاحكة
و أصرخ صرخاتي المجنونة المعتادة ( هيـــه نحن لسنا في فيلم من بطولة فاتن حمامة حتى تقولي إتبعي قلبك ) ء
لكني فضلت الصمت على الغباء الذي سأتلفظ به
ظلت (سانيا) ضامة لي ، تمسح شعري كطفلة صغيرة و تقبل رأسي كأم خبيرة ، تحاول أن تبعث فيني الأمن و الاطمئنان
جميل أن يملك الإنسان والدتين ، والدة تأمرة و والدة يأمرها
و بعد أن هدأت نفسي قليلا ، و اطمأنت (سانيا ) إلى حالي
خرجت وقد شعرت أنها أدت الواجب
*************************************
مكثت وحيدة في غرفتي لساعات أرقب الطعام و لا أقربه
الأفكار تأرجحني و القرارات تتقاذفني
القرار الأول يُصّـرح ( لم لا ؟ شاب ممتاز و له مستقبل ، فما المانع ؟ ) فيقفز الرأي المناقض ( لا تكوني حمقاء ، مازلت صغيرة السن ، استمتعي في حياتك ، مالك و مال الزوج و العيال و المسؤوليات ؟ ) فيحتج القرار الأول ( أنت ناضجة بما فيه الكفاية و فاهمة و عاقلة ، ثم إنها حياة جديدة و حلوة ) و بين عراك القرار الأول مع الثاني
أنهض هاربة إلى سماعة الهاتف
أتصل على الهاتف النقال الخاص بـ(جوري ) إبنة عمي و صديقتي في الوقت ذاته
كان مغلقاً ، فاتصلت على منزلها و مررت برحلة بغيضة لتحويل المكالمة ، أوصلوني بغرفة السائق ، ثم أخيها ، ثم غرفة أختها ، ثم للمطبخ ، و بعدها لغرفة عمي الذي تفضل و منّ علي بتحويل المكالمة بطريقة سليمة إلى غرفتها
و ما إن و صلني صوتها حتى صحت( إن كان أهلك لا يجيدون التقنيات ، لا تضعوها في منزلكم ، ثم لم هاتفك مغلق ؟ ها !! ) صدمها صياحي ، خصوصاً تعليقي على أهلها فصرخت بدورها ( لا تصرخي في أذني ، لم أطلب منك الاتصال حتى تتبجحي بمثل هذه الألفاظ ، ما خطبك ؟ ) تثيرني كلماتها فاكمل صياحي ( ما خطبي! حسناً سأخبرك ما خطبي ، أنا أنتظر منذ ربع ساعة على الهاتف فقط لتحويل المكالمة للآنسة جوري ) ء
ازداد صراخها حده ( و ما ذنبي أنا ! لا تكوني حمقاء فتجعليني شماعة لأخطاء الآخرين )عند هذه الجملة ، انتهى ما لدي من تجلّد فأجهشت بالبكاء ، لمحة صمت لتستوعب أني بالفعل أبكي ، قالت و صوتها يشوبه القلق و التوتر ( مها حبيبتي ، ما بك ؟ ) فحكيت لها الحكاية و أنا أحاول شد حبالي الصوتية في محاولات خرقاء لجعل كلاماتي مفهومة

صعب جدا أن يعبر الانسان بطريقتين ، إما أن يبكي أو يتكلم ، لكن التعبير بالطريقتين معاً لن يكون بالأسلوب الجيدا

قالت لي بعد أن انتهيت ( لم لا ؟ ) همست بعد استنفذ البكاء كل طاقتي ( لا أدري بالضبط ، و لكن فكري معي عمري 17 عام فقط ) قالت مستنكرة ( 17 عام ! يا فتاة الشهور تمضي أنت في الـ18 الآن ، و هو سن مناسب جدا للزواج )ء
كنت أفضّل أن تقول لي < يا بلهاء مازلت صغيرة > ء
أو < أنت غير محتاجة لهذا حالياً > أو أي جملة تسكت ذاك الخافق الراغب بداخلي
كانت ( جوري) توافق و بشدة مسألة الزواج هذه ، و لست أفهم حتى الآن سبب حماسها المبالغ في اقناعي ، لكن في نهاية المكالمة نصحتني ( مهما ، أثق بقرارتك لكن توقفي عن اسخدام عقلك في تقييم كل الأمور ، اسمعي صداك من الداخل ، اتبعي قلبك ) ء

!!!
أتبع قلبي
!!! و كأنني سمعت هذه النصيحة من قبل

***********
***********
***********
مرت ثلاث أيام على يوم النبأ ذاك ، عرفت من خلالها كل شيء عن ( بدر ) ء
و كلما عرفت عنه أكثر إزداد إعجابي به ، لم أره إلا في الصور
عيناه عسليتان تشعان ذكاءا و طيبة
طويل قليلاً ليس بالسمين ولا الهزيل لكنه للنحافة أقرب
شعره أسود فاحم و بشرته صبغتها شمس الكويت الحارقة بالسمرة
له وجه عادي جداً ، لكنه مريح ، ابتسامته بالصور تنبع من قلبه ، و ليست تمثيلاً أمام الكاميرا
حظ ساحق أن يأتي لطرق بابي
لكنه يدرس في الخارج ، و سيظل طالباً هناك لعدة سنوات
و أنا لا أريد السفر و الغربة
و لست أرغب في ترك أرضي وأهلي و أصحابي
أريد أن يكون مستقبلي مع حاضري و ماضيي
***********
***********
في نهاية اليوم الثالث ز بعد تفكير عميق
طرقت باب غرفة والدتي و انتظرت قليلا حتى سمعت كلمة ( تفضل ) كانت والدتي جالسة بوقار على حافة السرير
تخيط أزرار ثوب أبي ، نظرت إليها ففهمتْ فورا أني أرغب في الحديث عن الأمر
تركت ما كانت تخيطه و طلبت مني الجلوس بجانبها
فقعدت خرساء لا أنطق بكلمة ، فشدت على يدي مشجعة
و بصعوبة تهدج صوتي ( لا أريد السفر معه للخارج ) ء
فردت متفهمة ( فقط هذا ما لا ترغبين به ؟ ) فهززت رأسي أن نعم
أمسكت كلتا يدي ونظرت إلى عيني مباشرة و قالت ( هل توافقين لو أنك ارتبطت به ، ثم أكملتم مراسيم الزواج بعد عودته بالشهادة ؟ ) ء

هل أتعرق خجلاً ؟
و هل حقاً أخلّص يدي من يدي أمي ؟
و هل أنا أركض إلى غرفتي ؟
***************
إني بالفعل أقوم بكل هذا
***************

3 Comments:

Blogger مبتدئ said...

مها .. شدتني قصتك

لا تتبعي قلبك !..ـ

ثم كيف يكون سيرشدك قلبك إذا لم تري (بدر) إلا في الصور ...!ـ

أتبعي عقلك،

أنت صغيرة:ـ أمامك الكثيــــــير الكثير

ولك أن تفعلي ما تشائين، خاصة ولديك اسلوك كتابة مميز، طوري هذه الموهبة ولا تقبري نفسك في هذا السن المبكر

نصيحة من فضاء الانترنت
اتبعي عقلك

مبتدئ

1/21/2005 05:46:00 PM  
Blogger maha said...

اتبع عقلي !

لا أخفيك أيها المبتدئ القادم من فضاء الانترنت

أنني وقفت أمام نصيحتك مدة طويلة

أحاول أن اتبع ما يمليه علي عقلي
لكن أجوبته دوماً تأتي بما لا يقنع

الأمر واقع مفروض سيقع في يوم ما
الفارق الوحيد
هو
الوقت
!

حضورك كان كالشمعة
التي أضاءت لي بعض الزوايا المخفية

3/06/2005 01:53:00 AM  
Anonymous Anonymous said...

أسلوبك في الكتابة رائع بروعة المطر!! ما شاء الله :)

4/26/2005 11:44:00 PM  

Post a Comment

<< Home