Friday, April 24, 2009

!!

لست أفهم !

Monday, January 16, 2006

انتقلنا

انتقلنا الى mahaq8.com We moved to

Monday, January 09, 2006

test

e

teset

Thursday, November 10, 2005

لرواد المدونة

مرحباً

يسرني ، أن أعلن لكم عن انتقالي إلى
( هنا )
ما زالت أعمال البناء قائمة
لكنه يفي بالغرض حالياً

:)

Monday, November 07, 2005

درس جوري

هدوء يغمر المكان ، و يأبى أن يغمرني

ليلة مقمرة اكتمل فيها البدر

البدر ، و حتى ( بدر ) ، ليتني أفهمها

أتنهد و أطل من نافذة غرفتي ، لكن تلك المساحة الصغيرة من السماء لا تفصح عن أي نجم
فكيف تتكرم و تريني البدر ؟

محرومة من الاثنين

يال السخف
و يال تلك النافذة البخيلة
ألا تفقة معنى النوافذ ، منافذ ، نافذ ، منفذ ، نفوذ ، قنفوذ
قنفوذ تصغير قنفذ ما دخله بالموضوع !!؟
! هرطقة كلام ، محض جنون

التخبط سيقتلني حياتي ، تساؤلاتي ، أفكاري
تحوطني و ترقص رقصتها المجنونة

وأصوات قرع الطبول تدق في رأسي
رتيبة ، مغيظة، مستفزة

دوم .. دوم .. دوم

كم أرغب في الركض ، في الهروب في الاختباء تحت السرير

أمسك رأسي بكلتا يدي ، سحقاً لهذه الطبول ، فلتتوقف ، فلتتــوقف !

اختفت الأصوات فجاة
لماذا؟ لماذا تزورني الأصوت بغتة لتنغص علي حياتي ثم تنقطع فجأة كما أتت ؟

الأمر متعب ، متعب ، ماذا أفعل ؟

الساعة تشير للتاسعة ، أشعر بالاختناق ، الخوف يدغدغ قلبي المهموم ، و الألم جاثم على صدري يرفض الرحيل

أفٍ ، لهكذا مشاعر تنهشني ، تستهلكني ، تذيبني ، تصلبني ، وتصليني

ألتقط هاتفي المحمول ، و أضغط رقم جوري ، جوري هي المتنفس الوحيد
هي الأكسجين في عالم امتلأ بالغازات السامة

يأتيني صوتها واثقاً كعادته : ( ألو ، أهلا مها ، أخبارك ؟ )ه
أقول بصوت مضجر : ( سيئة ، أين أنتِ ؟ ) ه
تجيب : ( في طريق العودة للمنزل ) ه
أتنهد بحرارة ، ثم أتمتم : ( جيد ، تعالي خذيني معك ، أحتاج لتغيير الجو ) ه

أكاد أرى ابتسامتها الودود عبر الأثير وهي تقول بصوتها الرخيم : ( كوني جاهزة خلال عشرة دقائق يا فتاة ، لا تؤخريني ،و لا تنسي ملابس السباحة و منشفتك ، و لا تنسي أيضاً الفرشة و المعجون ، كذلك أحضري كتبك و رواياتك ، ماذا بعد ؟ تذكرت ، دائماً تأخذين جواربي ، أحضري جواربك هذه المرة ) ه

أبتهل لهذا الترحيب ، أغلقت السماعة و قد انتعش صدري برشة فرح

أتصل بخادمتنا سانيا من خلال الهاتف الداخلي و حينما رفعت السماعة قلت لها بسرعة : ( سأنام عند جوري الليلة ، اعتني بـ ( هفد ) ، أطعميه جيداً و انتبي له اتفقنا ؟ ) ه

أجابت : ( أوكي مدام ) ه

أكرهها عندما تقول لي مدام ، أغلقت السماعة و ذهبت لأوضب أغراضي

لن أستبدل منامتي ذات الرسومات المضحكة بالتنورة و القميص
فقط سأستتر بالعباءة و الحجاب

خرجت من غرفتي و توجهت لمكتب والدي بهدوء ، عند الباب أحبس أنفاسي و أطرق الباب بوجل

يأتيني صوته الجهوري : ( من ؟ ) ه
تتسارع نبضات قلبي : ( أنا مها ، أدخل ؟ ) ه
يجيب باقتضاب : ( تفضلي ) ه

أسحب خطواتي إلى الداخل ، و أقف أمام مكتبه الضخم ، شاعرة بالتضاؤل شيئاً فشيئاً
أهمس في محاولة لضبط نبرة صوتي على وتر الخضوع و الثقة في الوقت نفسه
كما يرغب والدي أن أكون دائماً : ( أبي ، هل من الممكن أن أبيت هذه الليلة في منزل عمي ؟ ) ه

بحركة بطيئة تشد أعصابي، رفع رأسه باتجاهي و جهر بصوت مقتضب : ( لِمَ )ه

أنكس رأسي بخضوع و استسلام : ( هناك بعض المواضيع التي أريد نقاشها مع جوري ، و هي في طريق عودتها للمنزل – و إن سمحت بعد إذنك – ستأتي لتقلني معها )ه

هكذا دائماً ، يجب أن يكون لكل شي سبب ، يجب أن يكون لكل عمل نتيجة ، يجب أن تكون لكل خطوة حساباتها

لن يستطيع والدي استيعاب تلك الأمور التي نقوم بها دون سبب، لن يستطيع فهم الأشياء التي نمارسها لأننا –فقط- نريد ممارسها

لا يؤمن والدي بالجنون اللحظي الذي أؤمن به ، و الذي يولد في أزمنة و أمكنة غير محسوبة

لا يؤمن بالـ ( فصلات ) التي يتم فيها فصل المنطق عن العقل ، فنعيش في لحظة هستيرية رائعة ، و تكون انطلاقة لروح مكبوتة

ذلك الجنون الذي أعشقه ، و الذي ينتشلني من حالة الإنسان الطبيعي إلى اللاطبيعي

الفصلات ، الرجات ، الخبال أو الجنون ، أي كان اسمها ، أمور نحتاجها من وقت لآخر هل يستطيع أبي إدراك ما أعنيه ؟

لا أعتقد

بعد أن فكر والدي سريعاً بموضوع الذهاب مع(جوري)أصدر قراره بجمود:( موافق )، ثم أعاد بصره إلى أوراقه المصفوفة بعناية أمامه على المكتب

حدقت في وجهه العصامي لوهلة ، ثم انسحبت بهدوء إلى غرفتي ، لبست العباءة و الحجاب ، و التقطت حقيبتي ، ثم نزلت الدرجات مهرولة حتى خرجت للفناء لانتظار جوري ، في الخارج توقفت قليلاً لاسترجع أنفاسي ، ثم رفعت رأسي و درت حول نفسي باحثة عن البدر، كان في مكانه ، عالياً متألقاً شامخاً مرتفعاً عن كل الصغائر ، عندها اختلجت روحي نسمة هواء باردة فشعرت بالراحة ، فابتسمت ، جلت بنظري حول الموجودات، فكانت الأشياء ساكنة كما يجب أن تكون الحياة في الليل

أعشق الليل و هدوءه ، في الليل أستطيع فهم لغة الجمادات أكثر
العالم كله يشترك بلغة واحدة ، لغة نجدها غامضة أحياناً ، و واضحة أحياناً أخرى
و تكون أوضح ما تكون - أقصد تلك اللغة المشتركة- في المساء

كما أؤمن أن البدر ، النجمات ، النسمات ، الأشجار ، الأعشاب ، و كل ما يحيطني يهتف بأنه معي
و يشاركني أتراحي و أفراحي

فقط ، من يراقب ، و يحاول الفهم ، سيتعلم ، و سيجد أن ما أقوله حقيقة

انتبه لأفكاري الغريبة ، فأحاول تجاهلها بالعبث في هاتفي المحمول ، و بعد لحظات من عبثي به رن رنة قصيرة و ظهرت على الشاشة كلمة ( جمال الروح ) فعرفت أن جوري قد وصلت

أسرعت بالخروج ، و في السيارة سألتني جوري عن حاجياتي، فرفعت لها حقيبتي بثقة لترى كم أنا مهذبة و لم أنسى شيئاً ، نصمت قليلاً فتساورني بعض الأفكار ، ماذا يحدث لو جننت ذلك الجنون اللحظي و فتحت النافذة و بدأت بالغناء بطريقة غبية ؟ ماذا سيكون شعوري عندها ؟ هل ستكون انطلاقة ؟ أم هي مجرد حماقة ؟
أين هو الحد الفاصل بين الاثنين ؟ أعني بين الانطلاقة و الحماقة ؟ أهناك حدود أم أن هذه الأمور لا تـُحد ؟

ألتفت إلى جوري و قلت بشيء من السخرية : ( أتعلمين ؟ بودي لو تضغطين على الوقود أكثر لتنطلق بنا سيارتك بسرعة جنونية ، عندها أفتح النافذة بجانبي و أغني بجنون أغنية مجنونة
مثل( فيكم طرب أيوا فيكم وناسة يا الله)أو(دقديه دقديه)أو حتى(يا بنيه شفيج مكسله جنج مريضة بنشلة ) أيمكننا فعل كل هذا الجنون ؟ )ه

تبتسم جوري و تضغط على دواسة الوقود لتنطلق

السرعة تزداد ..... و تزداد ..... و تزداد

ثم فجأة فتحتْ النافذة بجانبي و قالت : ( هيّا ماذا تنتظرين ؟ اصرخي ، غني ، كوني مجنونة ) ه

ألتفت إليها و علامة تعجب ضخمة تقفز فوق رأسي : ( جوري ! ، هل جننتِ ؟ خففي السرعة ) ه

قرع الطبول يعود

دوم .. دوم .. دوم

مستفز ، يحاكي في إيقاعه ثقب طبلة أذني المحمومة
صوت رتيب ، مزعج ، متعب ، متى يختفي القرع للأبد ؟

أعيد تكرار طلبي : ( جوري ، خففي السرعة )ه

تزداد ابتسامتها إشراقاً و يزداد الضغط على البنزين و تزداد السرعة و تهتف : ( مـهـا ، أريدكِ مجنونـة، مخبولــة أي شيء ، المهم ، أريدك أن تخرجي من هذا الطور الغريب ، لا يلائمك اليأس و لا تليق بك الأحزان ، هذه الأشياء لم تخلق لكِ ) ه

حمقاء ، أنا حمقاء بلا ريب ، رفعت زجاج النافذة من خلال زر التحكم الموجود بجانبي ، و همست بصوت لا يخلو من نبرة الحزن : ( خففي السرعة رجاءاً ) ه

فتطيعني بصمت مطبق ، و تعابير وجهها تفضح تضايقها مني


تساؤلاتي ، أفكاري ، حياتي ، عادت لتحوطني و ترقص رقصاتها المجنونة
موكب جنائزي ، زغاريد أعراس ، صراخ و عويل ، ضحكات هستيرية

يزداد قرع الطبول ، يزداد الهراء
و تمتلئ نفسي بالخواء

التناقض الذي أقوم به يثير غيظي ، للتو أطالب بالجنون اللحظي
و عندما حانت الفرصة ، ترددت ! ، و شعرت بأن الأمر مجرد جنون سخيف

أي نوع من الجنون أريد ؟

تناقض ، تناقض ، تناقض

لقطات من حياتي تظهر لي تباعاً بشكل مشوش كشريط فيلم معطوب
صرخات تأتي من أغواري

كفــى كفـــــــى كفـــــــــــــــــــــــــى


ه ( وصلنا ) ، قالتها جوري بسرعة
فانقطعت الأصوات مرة أخرى

هل انتبهت جوري ، لروحي المتفلتة ؟

حملتُ أغراضي و نزلت من السيارة

ثم مشينا معاً بصمت إلى الداخل ، حتى صعدت بصحبة جوري لغرفتها
هناك تمددت على سريرها و أغمضت عيناي ، لتعيد التساؤلات طرح نفسها مرة أخرى بشكل غريب

صوت قرع الطبول يعود مرة أخرى
التجاهل ، التجاهل ، هذا هو الحل
أغلق عيني بشدة و أهتف بقوة : ( جوري لننزل نسبح ) ه

تقول مبتسمة جراء هتافي اللا مبرر : ( هل أحضرتِ المنشفة ؟ ) ه

أجيب بابتسامة مماثلة : ( بالتأكيد ) ه

اتسبدلنا ملابسنا ، و في الطريق للأسـفل ، كنت أراقب الجدران و الأثاث
أحاول أن أستشف منها بعض الكلمات ، باستخدام تلك اللغة التي نتشارك بها جميعاً

لكن ، كل الجمادات هنا ميتة

فالأم وحدها ، التي تبث الحياة في كل شيء ، الأم وحدها لو رحلت تكون الأمكنة من بعدها مظلمة و إن أنيرت بالمصابيح

الأم وحدها التي لا يجب أن تموت أبداً ، لأن موتها يعني موت الأشياء كلها ، كلها

أشعر بالألم كلما تذكرت كيف توفت زوجة عمي
و أشعر بالألم أكثر كلما أذكرمسحة الحزن في وجه عمي و أبناءه

وصلنا لغرفة السباحة ، كانت مكسوة بالفسيفساء ، على اليمين توجد بركة صغيرة للأطفال ، و على الشمال يقع المسبح الكبير
يقسم المسبح الكبير لقسمين غير منفصلين
القسم الأول هو الذي أستحم به دائماً و السبب هو عمقه البسيط الذي لا يتجاوز المتر الواحد
لذا، لن أحتاج لأطواق النجاة لأن أطراف أصابعي تصل للأرض و عنقي خارج الماء

أما القسم الثاني ، فيصل عمقه إلى ثلاثة أمتار ، طبعاً لا أجرؤ على السباحة هناك

أقترب من المسبح الكبير ، و روحي تكاد تحلف أن كل الأشياء هنا خاوية من بعد رحيل زوجة عمي

وصلت عند حافة الجزء العميق
فرأيت أرضية المسبح مكسوة ببلاطات جديدة على هيئة أسماك متنوعة
فصحت:(اللــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ، لقد غيرتم أرضية المسبح ، هناك أشكال أسماك ، أسماك صغيرة ، أسماك كبيرة ، أسماك ملونة أسماك حلوة حلوة حلوة ) ه
سألت جوري و قد أسعدها هتافي : ( حلوة فقط ؟ ) ه
أقول لها بانفعال واضح : ( بل مذهلــــــــــــــــة ) ه
و بلا سابق إنذار
ركضت في محاذاة الحوض صارخة بأعلى صوت:( الغوووووووووووووص ) ، حتى وصلت للجزء الغير عميق ، فتكورت و قفزت بكل ما أوتيت من قوة داخل المسبح

عنما لامس جلدي الماء شعرت بالبرد و الغبطة
و سريعاً بدأ جسمي في الهبوط إلى القاع

صوت ضحكات جوري يأتيني من الأعلى و قد تداخلت مع أصوات اندفاع الماء في أذني
لحظات حتى وصلت إلى القاع ، عندها فردت جسدي و دفعت نفسي للأعلى بقدمي

أحب هذا التكنيك
ركض – قفز – غوص – اندفاع للأعلى

أحبه ، لأن الشعور الذي ينتابني عندما أخرج من الماء يريحني
أحس بالقوة ، و كأن الأمر كالخروج إلى السطح بعد الغرق في المآزق و الآلام
و كأنني أستطيع التخلص من الغموض و الأصوات المتداخلة و الظلمة في الأعماق بالخروج إلى النور و الوضوح

تهتف جوري و في وجهها ابتسامة عريضة : ( يا لك من جبانة تقفزين في الجزء الذي تصل أقدامك فيه إلى الأرض و عنقك خارج الماء ، اقصدي الجزء العميق ) ه
أنظر لها بانكسار و أقول بوهن : ( لكن .... لكن .... لكن أنا ، اممم ، أنتِ تعلمين ، أنا لا أجيد السباحة ) ه

تضحك : ( أنا سأعلمك ، أخرجي من البركة و تعالي باتجاه المياه العميقة ) ه

خرجت من المياه مطيعة لها ، و وقفنا - أنا وهي - على الحافة عند الجزء العميق ، أرتعش خوفاً كلما تذكرت عمق المياه تحتي ( ثلاثة أمتار ) ! عميق جداً ، سأموت بلا شك لو انزلقت رجلي و وقعتُ فيه ، و من دون أن أنتبه ، تتحرك جوري ببطء لتقف خلفي ، ثم تدفعني بغتة بكلتا يديها لأسقط في الماء

شهقت بقوة ، و صرت أصرخ برعبٍ رهيب ، و بدأت أغرق ، أغرق ، أغرق

ابتلعت كمية كبيرة من الماء ، فكتمت نفسي بسرعة ، شعرت بحرقة شديدة في حلقي
تملكني الفزع و أنا أحرك جسدي في كل الاتجاهات بطريقة هستيريه محاولة النجاة

الصور تختلط بسرعة خيالية ، لقطات تأتي و تختفي ، الهيئات تتداخل ، أسماك ملونه ، جوري تدفعني بقوة لأسقط في الماء ، بدر يبتسم ابتسامته الهادئة ، زين تركض، أبي يجلس وقوراً خلف المكتب،أمي تهمس في أذني( أنتِ حياتي) ،دلال ترمقني بنظرة خبيثة ، عمي خالد يضحك ضحكته المعتادة، زيد يشد شعري متمتماً للفتيات شعور غريبة ، خالتي نادية تجلس بهدوء أمام صينية الشاي ، محمد يودعني ، سانيا تطعم هفد ، حميد يسرح شعره أمام مرآة السيارة ، قرع الطبول يشتد ، يشتد ، أفكاري المجنونة تتراقص حولي على هيئة حلقات تضيق ، و تضيق

تساؤلاتي لماذا ؟ أين ؟ لم ؟ و متى ؟ تحكم قبضتها على رقبتي لتسرع من اختناقي فموتي

جنون مغيظ إيقاع سريع

دوم .. دوم .. دوم .. دوم .. دوم

سأمــــــوت ، لا أريد أن أموت ، لا أريد أن أغرق ، أزيد من حركاتي ، فأهبط للأعماق أسرع

بجنون ، بهستيريا ، بهيجان ما له وصف ، أحرك جميع أعضائي بكل النواحي ، حتى خارت قواي

لا فائدة من العراك مع الماء ، لا فائدة ، أصرخ في أعماقي ، ما الحـــــل؟ ، بدأت ثائرتي تتلاشى تعبت ، تعبت ، صوت الطبول يختفي تدريجياً ، وحركاتي تقل و تقل حتى هدأت

توقف كل شي ، الأصوات ، الصور ، حتى حركاتي
و صار الغموض هو سيد الموقف ، شعور غريب ، استسلام تام

حتى خيّل لي بأنني أطفو

!!بل بالفعل أنا أطفــــــــو

ربـــــــــــــاه ، جسدي بدأ بالارتفاع

إذن ، ارتخاء الجسد يساعده على الطفح
رائع ، مذهل ، عظيــــــــم

و في أثناء ارتفاعي ، كانت جوري قد نزلت للماء، ثم سحبتني للأعلى
عندما خرجت ، بدأت بالسعال و فرك عيني لتعود إلي الرؤيا الواضحة

كانت جوري تضمني إليها و تضحك بشدة قائلة : ( لم أتركك دقيقة ، يا جبانة ) ه

صمتُ و لم أجب ، فأكملتْ : ( هل فهمتِ الدرس ؟ ) ه

قلت و أنا أسعل : ( نعم ، يجب أن أرتخي حتى أطفو ، لكن لأوضح لك نقطة ، أنتِ معلمة فاشلة ) ه

ضحكتْ أكثر:( صدقتِ يا فتاة ، أنا فاشلة ، فليس القصد ما تقولين ، كنت أود تعليمك عملياً كيف هي الدنيا ؟ ) ه

نظرت لها بغباء و سألت بطريقة تنم عن عدم فهم شديد : ( ما دخل السباحة في معرفة الدنيا ؟ )ه

همست بلطف : ( مها ، لك فترة و أفكارك ثائرة و متخبطة في كل النواحي ، كنت أشعر بأنك تغرقين في قاع عميقة ، أفكارك كانت كأنها أنتِ قبل ثوانٍ في ثورتك و محاولتك للصعود ، وما كنت أحاول تعليمه لك هو الحقيقة التي تخفى على كثيرٍ من الناس ، لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره ، أفهمتِ الآن؟) ه

أنظر لها بعينين ثابتتين ثم أضمها إلي بشدة و أصرخ ( واااااااي ، أحبك أحبك أحبك ، أنتِ جوهرة ) ه

تضحك ( جوري ) بشدة قائلة : ( لا أدري أفهمتِ أم لا ، لكن أتمنى أن يصلك المعنى ) ه

طلبتُ من جوري بعدها أن نصعد لغرفتها ، فلم أعد أملك طاقة لأتعلم السباحة أو درس جديد من دروس الحياة

و هناك في غرفتها ، فتحت جهاز الكومبيوتر الخاص بها و دخلت الإنترنت ،ثم بدأت بكتابة رسالة إلى بدر

---------------------------------------------------

السلام عليكم

الغالي (بدر) ه
مساء الحب الكبير
مساء اللهفة و الوله

كيف حالك ؟ و ما أخبار دراستك ؟

أني أتحرق شوقاً لعودتك ، لأهيم بك و أطير معك في فضاءات لا حدود لها

ففي حضورك تكون الجمادات في أقصى جمالياتها
و لهذا كنت أحتفظ بالتفاصيل ، و تفاصيل التفاصيل في حنايا ذاكرتي

و حينما تختزن الصور في الذاكرة ، أنساب رويداً رويداً إلى مدارات لا أدركها

أنت – وحدك – الذي أريد أن يهتف قلبي باسمه دون انقطاع
يدك – وحدك – من تشتاق لها يدي
و روحك – وحدك – تتهلل لها روحي

طيفك ، جمال بلوري نقي ، يقف أمامه الناس متسمرين راغبين في رؤية الصفاء في زمان يفتقر للطهر

بك و لك و لأجلك أكتب ، و أنت وحدك تستحق خفقات قلبي الجذلة

أيها الأسطوري في بلاد أخرى لا أصلها

ملأتني بالألغاز ، و الأحاجي
و كنتُ في كل مرة ، أبحث و أبحث ، حتى أجد الإجابات في مكان ما
لكنك ، رحلت و تركت لي حل اللغز الأعظم دون جواب
تركت لي ( أنت ) ه


من أنتْ ..؟
كيف أتيت .. ؟
لا .. بل من أكون ؟؟
وتدور في رأسي ظلالُ تساؤلاتْ
هل كنتُ حياَّ قبل أنْ ألقاك ؟ ؟
أم أنَّ المماتْ يطوي القلوب
إذا خَلَتْ من نار شوقٍ تستعرْ
أوفيضِ دمعٍ ينهمرْ
يرج الوصالَ ومن عبِير الذكرياتْ
وتدور في رأسي ظلال تساؤلاتْ

من أنت ؟
يا من تُختصر فيك إمتداداتُ العصورْ ؟ ؟
من أنت .. يا من أوجدتْ
عيناك في الأحزانِ معنى للسرورْ
هل كانت الأيامُ حُبْلَى بالأماني قبل وعدك .. والشهورْ ؟
هل كنتُ أعرف ما الشعورْ ؟

هل كنتُ ألمسُ روعةَ الأيمانِ
والألوانِ
أو أَرَجَ الزهورْ ؟ ؟
وتظل في رأسي تدورْ حيرى
ظلال تساؤلاتْ من أنت .. ؟؟
يا من حولّتْ إحداقيَ المتحجراتْ
أَلَقَاً وأقماراً تدورْ
تطوف حولك مبهراتْ
هل كنتُ حياً قبلك ؟
أم كنتُ ثاوٍ في غياباتِ القبورْ
رمماً وبعضاً من رُفات ْ
وتدور رأسي ظلالُ تساؤلاتْ

يا أنت

يا من جئت في زمن المعاناة الطويلة
واحتضارات الخيالْ
يا من تفاجئني
تحاصرني
يا قطعةَ النُّورِ الوحيدةَ
في الَّليالي المظلماتْ
كيف استطعت وأنت في عمرِ النَّدى
أن تصنع طوقَ النجاةْ
فيحيلُ سحرك قلبيَ المدفون في قبر الحياةِ
إلي الحياةْ
*وتدور في رأسي ظلال تساؤلاتْ

أيها الأسطوري

إنني لأصلي كل يوم لله رب العالمين لكي يعيد شملنا
لأنني بوجودك أحيا ، و بقربك أعيش

بدر

ليتك تعلم أنك أخذت مني نفسي عند الفراق ، و تركت لي بقايا روح كسيرة تنتظر أن تلملم نفسها من جديد

بكل الحب أحبك ، و بكل صدق أعزك ، و بكل الشوق أشتاقك




محبتك الأزلية / مها

------------------------------------------

أعدت قراءة الرسالة مرة أخرى ، تأملتها قليلاً تنهدت كثيراً
بحرقة في القلب أمسك الفأرة و أظلل النص و أضغط على زر المسح و بدأت أكتب من جديد

--------------------------------------------

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيف حالك بدر ؟ و كيف هي دراستك ؟

أتمنى أن تكون بخير

اليوم ظهر البدر عندنا ، هل يظهر البدر في بريطانيا في نفس الوقت الذي يقرر فيه الظهور هنا ؟

لا تجب ، دعني أفكر بالموضوع أليست هذه سياستك ؟ البحث و التحري عن الإجابات

سأحاول أن أجيب و اكتم ضحكاتك- لو سمحت - إن كانت إجابتي غبية

نعود للسؤال ، مممم ، هل يظهر ؟ هل يظهر ؟ هل يظهر ؟

أنا أفكر ، لا تشوشني بنظرات الانتظار هذه

وجدتـــــــــــهــــــــا
=D

الإجابة ، نعم يظهرأتدري لماذا ؟
لأن الشهور القمرية في بلدان العالم كلها هي نفسها في الكويت
يعني منتصف الشهر القمري عندنا يكون في نفس الوقت عندكم

لكن ، مهلاً ، الساعات تختلف ، هل لهذا تأثير ؟

أووه ، بالطبع له تأثير ، كيف نسيت هذا ؟

الفرق ساعتين فقط بين الكويت و بريطانيا ؟
صح ؟

جيد

إذن أنا متأكدة الآن أننا في (أغلب الوقت) نستطيع أن نتشارك رؤية البدر
لأن الفرق ساعتين ، و الساعتين لا تجعل الليل عندنا نهار عندكم ، و لا النهار عندكم ليل عندنا

دوختك ، صح ؟
=)

لن أطيل الحديث أكثر ، فأنا لما أكتب أكون ثرثارة جداً
فقط أريد أن تعلم أنني اليوم تعلمت درساً جديداً أحببت أن أشاركك إياه
ألا وهو

لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره ، أفهمت ؟

لا أعتقد أنك ستدرك المعنى الحقيقي لهذا الدرس إلا إذا غرقت
إذهب و ارم نفسك في البحر
لا .. لا ، لا تتهور و تفعلها

كنت أمزح فقط ، كل ما في الأمر هو أن الدرس كان عملياً
درس من جوري بالطبع
فهي الوحيدة التي تملك قلباً حجرياً يسمح لها بدفعي في المياة العميقة بهدف تعليمي درس من دروس الحياة
!!!

غريبة تلك الجورية ، صح ؟
الحكاية باختصار ، دفعتني جوري لأسقط بالمسبح ، طبعاً أنا لا أجيد السباحة ، فبدأت أتحرك في الاتجاهات عبثاً للنجاة
كنت أتخبط ، حتى تعبت فاستسلمت ، عندها ارتخى جسدي و بدأت أطفو
بعدها قالت جوري درسها الغريب ذاك

لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره

أشعر بأن عبارتها عميقة بعمق المياة التي غرقت بها
لكن، لا أدري ، مازال الدرس غامضاً بعض الشيء


و لا تخش شيئاً، لم أصب بأذى، فجوري تجيد عملها بمهارة

=)


ليلة سعيدة و أحلام حلوة

مها

-------------------------------------------------------


أعدت قراءة الرسالة ، ابتسمت روحي ، ضغطت على زر الإرسال بعدما تجددت الشاشة ، و ظهرت لي رسالة
( تم لارسال )

أغلقت الجهاز و ذهبت لأنام

سأكون بخير

أعلم هذا :)


++++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++

الشعر لـ عمر عبدالدائم من ليبيا *
و تم التصرف ( قليلاً) بالنص ليتماشى مع الرسالة
لا أدري إن كان يحق لي هذا أم لا ،
لكن هذا ما حصل و المعذرة للشاعر القدير عمر عبدالدائم
^_^

Tuesday, October 04, 2005

لا أدري ما بي

الدنيا مقلوبة رأساً على عقب ، يا إلــــــــــــــــهي تأخرت
أركض في كل الاتجاهات أبحث عن كل شيء ، تأخرت تأخرت تأخرت .. ماذا أفعل
أنبش كومة الملابس الملقاة بإهمال في الزاوية لأخرج منها شال الرأس .. أووه يحتاج لكوي
أصرخ بأعلى صوتي : ( ســــــــــانيـــــــــــــا ، تعالي بسرعة بسرعة بسرعاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه ) ه
تأتي المسكينة لاهثة قائلة بلهجتها المكسرة المحببة إلى نفسي : ( مادا ؟ لمادا تعلمين صراخ كتير ؟ ) ه

أقول لها و أنا أمد لها يدي بكومة من القطع المتآكلة : ( تأخرت ، تأخرت .. بسرعة اكوي حجابي أريده الآن .. حالاً .. في هذه اللحظة ، و اكوي أيضاً هذا القميص بسرعة بسرعة بسرعة ) ه

تأخذ المسكينة القطع التي رميتها عليها و تسرع في كَيـّها ، أعود مرة أخرى للنبش عن بقية الأغراض ، هاتفي النقال ، أين هو ؟ تركته على الطاولة أمس !! لا أجده

أركض في اتجاهات متعاكسة و متضاربة أتعثر بحذاء ملقى في وسط الغرفة
و تصدم رجلي بحافة السرير للمرة العاشرة على ما أظن......... سأجن .. متى أكون فتاة مرتبة كبقية الفتيات متــــــــــــــــى ؟

أنتهي من تجهيز نفسي بزمن قياسي ، أخرج من غرفتي ، أسرع باتجاه غرفة الكي و آخذ الحجاب و القميص من سانيا ، أرتديهما بعجل ثم أركض باتجاه الباب

أجد والداي قد جلسا على الطاولة لتناول فطورهما ، أطبع قبلة على رأسيهما ثم أخرج بسرعة صاروخية من المنزل ، أركب السيارة على عجل ، أتفاجأ بأن السائق حميد غير موجود فيها

أمد جذعي باتجاه المقود و أقوم بالضغط على منبه السيارة بشكل غير حضاري أبداً
فيأتي حميد متلكأ بخطواته ،أصرخ عليه ليسرع ، حتى وصل أخيراً للسيارة أخيراً و جلس أمامي

أصرخ بجنون : ( حميــــــد كم مرة أخبرتك أنه يتوجب عليك انتظاري داخل السيارة ، ألا تجيد عملك ؟ )ه

يرد علي : ( مها . أنت بنت !! .. لا يعمل صراخ )ه

تصدمني كلماته ، أقف للحظات أحاول أن أفهم أن الأخ حميد يوجه إلي انتقاداً
يزداد صراخي اشتعالاً : ( لم أطلب منك أن تدلي علي بآرائك ، قد السيارة بسرعة تأخــــــــــــــــــــــــــــــرت ) ه

و طوال الطريق كنت أصرخ حتى خرجت حنجرتي من بلعومي بسبب برودة و حماقة حميد في القيادة

أصـل أخيراً بعد أن بح صوتي ، أركض في الممرات مسرعة و أقفز الدرجات قفزاً لأصل إلى قاعة رقم 201 ، أدلف القاعة مسرعة داعية الله من صميم قلبي أن يتجاهلني الدكتور
ه( مها , تأخير ، تعالي لو سمحتِ سجلي اسمك في القائمة ) .. يقولها الدكتور بشيء من الانتصار

أتوجه إليه مطرقة الرأس ، و قد خسرت السباق مع الزمن و أكتب اسمي بكل أسى لينير صفحة المتأخرات عن المحاضرة

أقول للدكتور بصوت واهن فيه بحة بسبب الصراخ الذي بدأت صباحي به : ( آسـفة ، لن أعيدها ) ه

يضحك الدكتور بصوت عالٍ : ( صحيح ، سأصدقك ، كل يوم تخبريننا أنك لن تعيدها ) ه

تتعالى الضحكات في الفصل ، فأتقوقع و أسحب نفسي باتجاه المقعد الذي يتوسط ( جوري ) و صديقتنا ( لطيفة ) ، أجلس بهدوء و أخرج أغراضي من الحقيبة ، أضع الكتاب و فوقه دفتر الملاحظات ثم أضع القلم ، لكن القلم يقرر أن يتدحرج من على الكتاب ليسقط على الأرض ، فانحني مادة ذارعي لأصل للقلم ، يختل توازني .. أكاد أسقط لكني أتماسك في اللحظة الأخيرة ، ألتقط القلم و أعيد جذعي لموضعه الأصلي

ألعب في زنبرك القلم ليصدر تكتكة مزعجة .. تلفت إلي جوري و تسحب القلم مني بلطف وعلى وجهها تشع ابتسامة
تكتب بقلمي على دفتر ملاحظاتي : ( متى سافر ؟ ) ه
آخذ منها القلم لأرد عليها: ( منذ مدة ) ه
تكتب : ( ابتسمي ) ه
أرفع رأسي باتجاهها لأتبسم ابتسامة رمادية
تستمر في الكتابة : ( لا تحزني ، سألعب دور مدرب الجاسوسية بدلاً عنه ) ه
يمر في رأسي شريط سريع لأسئلته الغريبة تلك فابتسم ابتسامة رضا
أخذت القلم منها و كتبت : ( لو لعبت أنتِ دور بدر ، من سيلعب دور حبيبتي جوري ؟ أنـتِ انـ ...........ه

ه( مها ، أين ستكون الظلال ؟ ) ه
قطع الدكتور حواري الكتابي مع جوري بهذا السؤال
جفلت ، رفعت رأسي باتجاه اللوحة فوجدته قد رسم مكعباً و يريد مني أن أحدد اتجاه ظل المكعب
أتمتم بتردد : ( يـ يمين ، أو ممممم ربـما هي ... مم ... لعلها في الأسفل ، أو يجدر بها أن تكون فـي .. لا أدري ربمــ ) ه
تهمس ( لطيفة ) : ( أعتقد على اليسار ) ه
يصدر صوت من خلفي : ( بل هي على اليمين ، أكيد على اليمين ) ه

قلت بصوت حاولت أن يكون واثقاً : ( على اليمين ) ه

يهتف الدكتور بصوته الجهوري فيزلزل كياني كله : ( خطأ ، ستكون الظلال على اليسار ، انتبهي للشرح ) ه

تملأني رغبة جامحة في الضحك على ما حصل لكني أكتمها ، ألتفت خلفي لأرى من التي أخبرتني بالإجابة الخاطئة ، و إذ بها ( دلال )ه

ه( دلال ) ابنة خالة ( بدر )ه
!!!!

ابتسمت لها و همست ضاحكة : ( لم أنتبه لوجودك خلفي! ) ه

تبتسم بدورها ابتسامة رقيقة ، فتلفت شفتاها المنتفختان انتباهي
أدقق في ملامحها قليلاً ثم أعود لوضعي الطبيعي لسماع الشرح
يا لها من فتاة ! إنها ساحرة !!شعرها متموج مسترسل إلى أسفل كتفيها ، مصبوغ باللون الذهبي
لون بشرتها البرونزي أعطاها نوع من التميز
أنفها صغير و مدبب يبث فيها الرقة و الثقة في الآن ذاته
تضع عدسات لاصقة في عينيها بلون العسل
باختصار ، دلال فتاة تشع سحراً

ألتفت إلى ( جوري ) على يميني ، فأجدها هي الأخرى فائقة الجمال
شعرها أسود ناعم و قصير ، عينيها الناعسات السوداوات فيهما سحر و غموض بشرتها بيضاء بلون الحليب ، و ملامحها دقيقة كأنها دمية

ربــاه .. ! .. لم تحوطني الحسناوات فيما أبقى أنا متوسطة الجمال !!ه

ألتفت إلى يساري أنظر إلى ( لطيفة ) ، فتهدأ إليها نفسي ، الحمد لله ، على الأقل لـ ( لطيفة ) وجه عادي مثلي

فجأة
أنتبه إلى ما أقوم به من مقارنات ، فأشعر بالسخف

أحاول أن أستمع إلى شرح الدكتور ، لكن يلفت انتباهي خط جوري على دفتر ملاحظاتي خطها دقيق و مرتب بعكس خطي المعوج الذي يصعب تفكيكه
أكتب على هامش الدفتر : ( من راقب الناس مات هماً ) ه
و أبدأ بالتلوين حول الحروف ، حتى انتهت المحاضرة

أسرعت بتجميع أغراضي ، و خرجت من القاعة أنتظر خروج (جوري) و ( لطيفة) أسير بخط مستقيم بجانب السور ، رأسي ممتلئ بالأسئلة
كيف يكون الإنسان منظماً ؟
هل الجمال صفة أساسية في الإنسان ليكون متميزاً ؟
ما الذي أتميز به ؟ هل هناك ميزة أختص بها ، يحبها (بدر) ؟
أأنا عادية ؟ هل حياتي عادية ؟ أوَ كان من الواجب علي أن أسافر معه ؟
أريد البقاء هنا ، كما أريد البقاء معه ، كيف يكون ذلك ؟أمن الأفضل أن لا نعيش معاً ، حتى أكون على قدر المسؤولية ؟
أم من الأفضل أن نبدأ حياتنا معاً في بيت واحد يجمعنا ؟

أتوقف و أسند مرفقي على السور ، أتنهد تنهيدة حارة فيخرج البخار من فمي
مازال الجو بارداً ، لا أدري إن كنت مجنونة أم لا ، لكني فعلاً أشتاق للصيف
على الرغم من ان درجة الحرارة تتجاوز الخمسين صيفاً
إلا أنني أشعر أن الصيف أكثر حباً و حناناً للبشر أما البرد فهو يبعث في نفسي الوحدة و الوحشة
أرفع رأسي نحو السماء
فأرى غيوماً رمادية تختلط بأخرى بيضاء
يبدو انها ستمطر
أنكس رأسي و أتأمل الحديقة الموجودة في الأسفل ، فأرى عصفورين صغيرين يتقافزان على الأرض جنباً إلى جنب ، ينقران ما بين الأعشاب بحثاً عن فتات طعام ، ثم يحلقان معاً بعيداً في السماء

هل أنا أحسد هذين العصفورين ؟
كم أود الحديث مع ( جوري ) في بعض الأمور ، سأدعوها لفنجان قهوة
و في لحظة دوراني للتوجه باتجاه الفصل، أباغت بضربه خفيفة على رأسي ، شلل مؤقت أصابني إثر المفاجأة

أرفع رأسي فأرى (لطيفة) تقف أمامي مباشرة
قالت و هي تكرر ضرب رأسي بسبابتها ضربات خفيفة : ( يا لك من مزعجة ، تنشغلين بأمور لا معنى لها في الفصل و تشغيلنا بالهراء الذي تمارسينه ، مرة تسقطين القلم ، و مرة تعبثين في دفترك ، ثم تقومين بالخربشة على هوامش الأوراق ، ركزي ، ركزي إن أردت النجاح ) ه

ابتسم ابتسامة واسعة لأخفي ما فيّ من هم ، و أهتف بمرح مصطنع: ( سأنجح ، لا تخشي شيئاً أنتِ أمام طموحة ) ه
أسمع صوت ( دلال) يأتي من خلف ( لطيفة ) : ( و ما طموحك مها ؟ ) ه
أطرقت رأسي قليلاً و فكرت، ثم رفعته لأجيب بثقة مع غمزة في عيني للمشاغبة : ( طموحي أن يرضى بدر عن درجاتي ) ه

تبتسم ( دلال ) بزاوية فمها و تقول: ( لا يندرج هذا الأمر ضمن قائمة الطموح )
في هذه اللحظة كانت شمس الشتاء تعكس أشعتها على وجه و شعر دلال ، فصارت تتلألأ و تبرق كأنها قطعة من الذهب الخالص
ربــاه ما أجمل هذه الفتاة

لكن ، لمَ أشعر بكل هذا الكم من المشاعر السلبية عندما أراها
مزيج من البغض و التوتر .... أهي الغيرة ؟ أأغار منها ؟

تمر ( جوري ) أمامنا قائلة بصوتها الرخيم موجهة كلامها لي : ( ألن تأتي معي لشرب القهوة ؟ ) ه

هتفت : ( يا لك من مذهلة كنت أود لو أدعوك لفنجان قهوة ، دائماً تسبقينني )ه
حييت ( دلال ) و ( لطيفة ) ثم أسرعت الخطى لألحق بـ(جوري) ه

خرجنا من الكلية و توجهنا بسيارة (جوري) إلى مقهى هادئ على شاطئ البحر
كنت في السيارة صامتة كحجر
دلفنا بصمت ، فقالت ( جوري ) : ( اختاري زاوية ) ه
ابتسمت ابتسامة باهتة ، و قلت : ( اختاري أنتِ أي طاولة ترغبين بها ) ه

توجهت (جوري) نحو الزاوية الشمالية ، فتبعتها ، و هناك جلسنا صامتتين

من خلال زجاج النافذة كنت أرقب البحر تاركة لخيالاتي المجال للغوص و الغور في أعماق البحر
تقطع (جوري) سرحاني : ( إذن ، هو الحزن الجميل ؟ ) ه
رفعت رأسي و دققت في ملامحها الدقيقة لثوان ، ثم سألتها : ( حزن جميل ؟ ماذا تقصدين بهذا المصطلح الغريب ؟ ) ه
قالت بطريقة ودودة : ( انظري إلى وجهك في المرآة و ستدركين ما أقول ، عينيك سارحتين ، تسيرين و كأنك في حلم ، لك وجه حزين ، تبتسمين حينما تتذكرين موقف جميل ، و تعبسين حينما تتذكرين موقف مزعج ، أفهمتِ شيئاً مما قلت ؟ ) ه
أجبت و أنا أنادي النادل بإشارة من يدي : ( لا ، إن أردتِ الصدق) ه

قالت بصوت واثق : ( إلى متى ؟ )ه
أجبت بصوت مفعم بالملل : ( لا تتكلمي رجاءاً بطريقة غريبة ، لا أفهم مغزى سؤالك؟ ) ه
مدت جذعها باتجاهي و قالت بهامسة : ( كلانا يفهم الآخر حتى و لو لم ننطق حرف واحد، تدركين سؤالي ، لكنك تتهربين) ه

أعرف أنني مملة هذه الأيام ، كثيرة الصمت ، قليلة الحركة ، حزن و سعادة يمتزجان بشكل غريب بداخلي ، أعلم تماماً أن هذا الوضع سيء ، لكن ، ما الحيلة ؟

أتى النادل بحلته السوداء ، مع ربطة عنقه الغريبة
فقلت له : ( قهوتان ، لو سمحت ) ه
سجل الطلب على عجل في ورقة ، ثم رحل

نظرت إلى جوري نظرة عميقة ، لعلها حزينة ، أو ربما نظرة الحزن الجميل الذي وصفته قبل ثوان !
ثم قلت بوهن : ( أتعلمين ( جوري ) ، لا أدري ما الذي يحصل لي ؟ لا أفهم شيئاً ، أشعر بأنني تائهة في دهاليز لا تنتهي ، عقلي مفعم بالأفكار الغريبة ، نفسي ممتلئة بالأثقال ، حياتي ملطخة بألوانٍ متناقضة ، مكونة لوحة لا أفهمها أبداً ، برز (بدر) في حياتي كغريب ، ثم كخطيب ، ثم كزوج ، ثم كحبيب غائب ، أتعرفين كم هو مؤلم أن تفترقي عن شخص أحببته من صميم قلبك ؟ لا أفهم أسرار الحب و ألاعيبه ، لا أفهم الاختلاط الرهيب في مشاعري ، لا أدري كيف أصفه ، لكني أؤكد لك شيئاً واحداً ، أنا أتألم ) ه

تمر لحظة صمت ، أطرق رأسي ، تغرورق عيناي بالدموع ، أحاول كتم حزني لكن تفر دمعتين مني ، فأكمل : ( وحيــدة ، شعور بالوحدة يخنقني ،حياتي صارت رتيبة و مملة ، تكسو البرودة نفسي و كل جسدي ، الناس من حولي يحطون بي و لا أشعر بقربهم ، ربما أستطيع القول أشعر بعدم الانتماء ، لا أدري ، فراغ كبير ، و ملل عظيم أحاول تحطيمه ببعض العلاقات الاجتماعية ، لكن في نهاية الأمر ، لا أجد أن الوضع يستقيم ، الشعور بالوحدة و الغربة يظل كامناً في صدري ، كنت أشعر بكل هذا قبل أن أعرف ( بدر ) ، و بعد أن عرفته زالت كل تلك المشاعر لتستبدل بأحاسيس أخرى جميلة و ممتعة ، شعرت معه بأنني مميزة و مهمة ، لأول مرة أشعر بأنني شيء لا يمكن الاستغناء عنه ، لكنه رحل و ترك خلفه فجوة لا يمكن سدها ، الفراغ الذي كنت أعانيه صار أكبر ، الوحدة صارت أكثر ، بل زيادة على هذا ، صار في حياتي بعض الناس الذين يكنون لي الكره من دون سبب !! )ه

رفعت رأسي و مسحت عيني و قلت ضاحكة و قد تملكني شعور بالسخف : ( أنا أضخم الأمور، كم أنا بلهاء ) ه

ابتسمت جوري وقالت مشجعة : ( لا تستهزئي بمشاعرك أبداً ) ه

قاطعنا النادل بحضوره ، و ضع كوبي القهوة أمامنا بطريقة غريبة كغرابة ربطة عنقه
ثم رحل
قالت ( جوري) : ( و من هؤلاء الذين يكنون لك الكره ؟ ) ه
أجبت : ( أنتِ تعرفين ، خالة بدر و ابنتها ( دلال ) ، أعترف .. أنا أغار من جمال دلال و أنوثتها ، أغار من معرفتها تفاصيل حياة (بدر) ، أغار من نظرتها إليه ، لكن و مع هذا ، لا أكن لها الكره ، و أعاملها بالتي هي أحسن ) ه

فتحت جوري كيس السكر و صبته في كوبي و قالت : ( لا تهتمي ، لا يوجد إنسان يحبه جميع الناس ، كل منا له أعداء و حساد ، لكن الذكاء يكمن في طريقة التعامل معهم ) ه

فتحت كيس آخر و صبته في كوبها و أكملت : ( لا تخشي شيئاً جميعنا معك ، و أنت مميزة في حياة كل منا ، أنا عن نفسي ، لا أستطيع العيش من دون أن يكون في حياتي فتاة تدعى ( مها ) تفسد أموري كلها ) ه
تتسلل في نفسي بعض الراحة فأرتشف رشفة من قهوتي

ألتفت ناحية الزجاج من جديد ، فأجد أن السماء بدأت تمطر قلت لها بصوت ممتلئ بالفرح و الحبور : ( إنــــها تمــطــــر ) ه
تلتفت ( جوري ) اتجاه النافذة
و بعد لحظات من الصمت همست (جوري ) و قد سرحت بخيالها : ( أتعرفين أي حزن يبعث المطر ؟ ) ه
ألتفت إليها لأفهم أي حزن يبعثه المطر ! فوجدتها تتأمل هطول المطر
أيبعث المطر الحزن ؟ غريب !! أجده يبعث الفرح و الخير و البركة
يزداد هطول المطر فجأة ، فتقف ( جوري ) قائلة بصوت خفيض :(من الأفضل أن نعود ) ه

تخرج من محفظتها بعض الأوراق النقدية و تتركها على الطاولة
فوقفت بدوري و حملت أغراضي و توجهنا معاً للسيارة

و في طريق العودة للجامعة ، أطلب منها إيصالي للمنزل فتقول : ( لديك محاضرة بعد ساعة ، ألن تحضريها ؟ ) ه
أجبت : ( لا رغبة عندي لسماع أي نوع من المحاضرات ) ه
تشد على كلمتها : ( مها ، لا تكوني ضعيفة ، لا يليق بفتاة حيوية مثلك أن يدون في سجلها لحظات الضعف و الاستسلام .....كوني قوية ، لأجلي مها .. كوني قوية ! ) ه
أبتسم بوهن و أتمتم : ( سأحاول ) ه

********************************
في المنزل أفتح كتاب ( لا تحزن ) و أبدأ قراءة بعض الفقرات التي وضعت بجانبها علامة لأعيد قراءتها كلما شعرت بالهم

" لا تحزن : لأن الحزن ينقبض له القلب ، و يعبس له الوجه ، و تنطفئ منه الروح ، و يتلاشى معه الأمل
لا تحزن : لأن الحزن يسر العدو ، و يغيض الصديق ، و يشمت بك الحاسد ، و يغير عليك الحقائق
لا تحزن : لأن الحزن لا يرد مفقوداً و ذاهبا ، و لا يبعث ميتا ، و لا يرد قدرا ، و لا يجلب نفعا "

سأحاول أن أكون سعيدة ، سأحاول أن أتصرف بنضج أكبر ، سأحاول أن أفهم أو على الأقل أتفهم ما يدور حولي

سأحاول .. هذا وعــد

Monday, October 03, 2005

مدونة: مبارك عليكم الشهر

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته


كيف حالكم أيها الأحبة ؟

مبارك عليكم الشهر ، و كل عام و أنتم بخير


قد أتيت اليوم أواري وجهي بكفيّ خجلاً

لا أجرؤ على الإعتذار
فقد غبت سابقاً و أتيت متعذرة
ثم خذلتكم و اختفيت

لكن .. متأكدة ، بل واثقة ، من أن قلوبكم الواسعة تتسع لي كلما عدت
:)

أشكر كل من أرسل رسالة ، رسائلكم تعني لي الكثير و كل حرف فيها كنز بالنسبة لي

جميعكم ، شكراً لكم ، فأنتم سبب وجودي هنا

و أعدكم ، ستجدون بعد أيام قليلة ملصق جديد أستكمل فيه ما بدأت
و ما يليه من مصلقات سيوضح لكم حقيقة هذا الغياب

لا تنسوني من دعواتكم في شهر الرحمة و البركات
=)

أختكم / مها