Thursday, November 10, 2005

لرواد المدونة

مرحباً

يسرني ، أن أعلن لكم عن انتقالي إلى
( هنا )
ما زالت أعمال البناء قائمة
لكنه يفي بالغرض حالياً

:)

Monday, November 07, 2005

درس جوري

هدوء يغمر المكان ، و يأبى أن يغمرني

ليلة مقمرة اكتمل فيها البدر

البدر ، و حتى ( بدر ) ، ليتني أفهمها

أتنهد و أطل من نافذة غرفتي ، لكن تلك المساحة الصغيرة من السماء لا تفصح عن أي نجم
فكيف تتكرم و تريني البدر ؟

محرومة من الاثنين

يال السخف
و يال تلك النافذة البخيلة
ألا تفقة معنى النوافذ ، منافذ ، نافذ ، منفذ ، نفوذ ، قنفوذ
قنفوذ تصغير قنفذ ما دخله بالموضوع !!؟
! هرطقة كلام ، محض جنون

التخبط سيقتلني حياتي ، تساؤلاتي ، أفكاري
تحوطني و ترقص رقصتها المجنونة

وأصوات قرع الطبول تدق في رأسي
رتيبة ، مغيظة، مستفزة

دوم .. دوم .. دوم

كم أرغب في الركض ، في الهروب في الاختباء تحت السرير

أمسك رأسي بكلتا يدي ، سحقاً لهذه الطبول ، فلتتوقف ، فلتتــوقف !

اختفت الأصوات فجاة
لماذا؟ لماذا تزورني الأصوت بغتة لتنغص علي حياتي ثم تنقطع فجأة كما أتت ؟

الأمر متعب ، متعب ، ماذا أفعل ؟

الساعة تشير للتاسعة ، أشعر بالاختناق ، الخوف يدغدغ قلبي المهموم ، و الألم جاثم على صدري يرفض الرحيل

أفٍ ، لهكذا مشاعر تنهشني ، تستهلكني ، تذيبني ، تصلبني ، وتصليني

ألتقط هاتفي المحمول ، و أضغط رقم جوري ، جوري هي المتنفس الوحيد
هي الأكسجين في عالم امتلأ بالغازات السامة

يأتيني صوتها واثقاً كعادته : ( ألو ، أهلا مها ، أخبارك ؟ )ه
أقول بصوت مضجر : ( سيئة ، أين أنتِ ؟ ) ه
تجيب : ( في طريق العودة للمنزل ) ه
أتنهد بحرارة ، ثم أتمتم : ( جيد ، تعالي خذيني معك ، أحتاج لتغيير الجو ) ه

أكاد أرى ابتسامتها الودود عبر الأثير وهي تقول بصوتها الرخيم : ( كوني جاهزة خلال عشرة دقائق يا فتاة ، لا تؤخريني ،و لا تنسي ملابس السباحة و منشفتك ، و لا تنسي أيضاً الفرشة و المعجون ، كذلك أحضري كتبك و رواياتك ، ماذا بعد ؟ تذكرت ، دائماً تأخذين جواربي ، أحضري جواربك هذه المرة ) ه

أبتهل لهذا الترحيب ، أغلقت السماعة و قد انتعش صدري برشة فرح

أتصل بخادمتنا سانيا من خلال الهاتف الداخلي و حينما رفعت السماعة قلت لها بسرعة : ( سأنام عند جوري الليلة ، اعتني بـ ( هفد ) ، أطعميه جيداً و انتبي له اتفقنا ؟ ) ه

أجابت : ( أوكي مدام ) ه

أكرهها عندما تقول لي مدام ، أغلقت السماعة و ذهبت لأوضب أغراضي

لن أستبدل منامتي ذات الرسومات المضحكة بالتنورة و القميص
فقط سأستتر بالعباءة و الحجاب

خرجت من غرفتي و توجهت لمكتب والدي بهدوء ، عند الباب أحبس أنفاسي و أطرق الباب بوجل

يأتيني صوته الجهوري : ( من ؟ ) ه
تتسارع نبضات قلبي : ( أنا مها ، أدخل ؟ ) ه
يجيب باقتضاب : ( تفضلي ) ه

أسحب خطواتي إلى الداخل ، و أقف أمام مكتبه الضخم ، شاعرة بالتضاؤل شيئاً فشيئاً
أهمس في محاولة لضبط نبرة صوتي على وتر الخضوع و الثقة في الوقت نفسه
كما يرغب والدي أن أكون دائماً : ( أبي ، هل من الممكن أن أبيت هذه الليلة في منزل عمي ؟ ) ه

بحركة بطيئة تشد أعصابي، رفع رأسه باتجاهي و جهر بصوت مقتضب : ( لِمَ )ه

أنكس رأسي بخضوع و استسلام : ( هناك بعض المواضيع التي أريد نقاشها مع جوري ، و هي في طريق عودتها للمنزل – و إن سمحت بعد إذنك – ستأتي لتقلني معها )ه

هكذا دائماً ، يجب أن يكون لكل شي سبب ، يجب أن يكون لكل عمل نتيجة ، يجب أن تكون لكل خطوة حساباتها

لن يستطيع والدي استيعاب تلك الأمور التي نقوم بها دون سبب، لن يستطيع فهم الأشياء التي نمارسها لأننا –فقط- نريد ممارسها

لا يؤمن والدي بالجنون اللحظي الذي أؤمن به ، و الذي يولد في أزمنة و أمكنة غير محسوبة

لا يؤمن بالـ ( فصلات ) التي يتم فيها فصل المنطق عن العقل ، فنعيش في لحظة هستيرية رائعة ، و تكون انطلاقة لروح مكبوتة

ذلك الجنون الذي أعشقه ، و الذي ينتشلني من حالة الإنسان الطبيعي إلى اللاطبيعي

الفصلات ، الرجات ، الخبال أو الجنون ، أي كان اسمها ، أمور نحتاجها من وقت لآخر هل يستطيع أبي إدراك ما أعنيه ؟

لا أعتقد

بعد أن فكر والدي سريعاً بموضوع الذهاب مع(جوري)أصدر قراره بجمود:( موافق )، ثم أعاد بصره إلى أوراقه المصفوفة بعناية أمامه على المكتب

حدقت في وجهه العصامي لوهلة ، ثم انسحبت بهدوء إلى غرفتي ، لبست العباءة و الحجاب ، و التقطت حقيبتي ، ثم نزلت الدرجات مهرولة حتى خرجت للفناء لانتظار جوري ، في الخارج توقفت قليلاً لاسترجع أنفاسي ، ثم رفعت رأسي و درت حول نفسي باحثة عن البدر، كان في مكانه ، عالياً متألقاً شامخاً مرتفعاً عن كل الصغائر ، عندها اختلجت روحي نسمة هواء باردة فشعرت بالراحة ، فابتسمت ، جلت بنظري حول الموجودات، فكانت الأشياء ساكنة كما يجب أن تكون الحياة في الليل

أعشق الليل و هدوءه ، في الليل أستطيع فهم لغة الجمادات أكثر
العالم كله يشترك بلغة واحدة ، لغة نجدها غامضة أحياناً ، و واضحة أحياناً أخرى
و تكون أوضح ما تكون - أقصد تلك اللغة المشتركة- في المساء

كما أؤمن أن البدر ، النجمات ، النسمات ، الأشجار ، الأعشاب ، و كل ما يحيطني يهتف بأنه معي
و يشاركني أتراحي و أفراحي

فقط ، من يراقب ، و يحاول الفهم ، سيتعلم ، و سيجد أن ما أقوله حقيقة

انتبه لأفكاري الغريبة ، فأحاول تجاهلها بالعبث في هاتفي المحمول ، و بعد لحظات من عبثي به رن رنة قصيرة و ظهرت على الشاشة كلمة ( جمال الروح ) فعرفت أن جوري قد وصلت

أسرعت بالخروج ، و في السيارة سألتني جوري عن حاجياتي، فرفعت لها حقيبتي بثقة لترى كم أنا مهذبة و لم أنسى شيئاً ، نصمت قليلاً فتساورني بعض الأفكار ، ماذا يحدث لو جننت ذلك الجنون اللحظي و فتحت النافذة و بدأت بالغناء بطريقة غبية ؟ ماذا سيكون شعوري عندها ؟ هل ستكون انطلاقة ؟ أم هي مجرد حماقة ؟
أين هو الحد الفاصل بين الاثنين ؟ أعني بين الانطلاقة و الحماقة ؟ أهناك حدود أم أن هذه الأمور لا تـُحد ؟

ألتفت إلى جوري و قلت بشيء من السخرية : ( أتعلمين ؟ بودي لو تضغطين على الوقود أكثر لتنطلق بنا سيارتك بسرعة جنونية ، عندها أفتح النافذة بجانبي و أغني بجنون أغنية مجنونة
مثل( فيكم طرب أيوا فيكم وناسة يا الله)أو(دقديه دقديه)أو حتى(يا بنيه شفيج مكسله جنج مريضة بنشلة ) أيمكننا فعل كل هذا الجنون ؟ )ه

تبتسم جوري و تضغط على دواسة الوقود لتنطلق

السرعة تزداد ..... و تزداد ..... و تزداد

ثم فجأة فتحتْ النافذة بجانبي و قالت : ( هيّا ماذا تنتظرين ؟ اصرخي ، غني ، كوني مجنونة ) ه

ألتفت إليها و علامة تعجب ضخمة تقفز فوق رأسي : ( جوري ! ، هل جننتِ ؟ خففي السرعة ) ه

قرع الطبول يعود

دوم .. دوم .. دوم

مستفز ، يحاكي في إيقاعه ثقب طبلة أذني المحمومة
صوت رتيب ، مزعج ، متعب ، متى يختفي القرع للأبد ؟

أعيد تكرار طلبي : ( جوري ، خففي السرعة )ه

تزداد ابتسامتها إشراقاً و يزداد الضغط على البنزين و تزداد السرعة و تهتف : ( مـهـا ، أريدكِ مجنونـة، مخبولــة أي شيء ، المهم ، أريدك أن تخرجي من هذا الطور الغريب ، لا يلائمك اليأس و لا تليق بك الأحزان ، هذه الأشياء لم تخلق لكِ ) ه

حمقاء ، أنا حمقاء بلا ريب ، رفعت زجاج النافذة من خلال زر التحكم الموجود بجانبي ، و همست بصوت لا يخلو من نبرة الحزن : ( خففي السرعة رجاءاً ) ه

فتطيعني بصمت مطبق ، و تعابير وجهها تفضح تضايقها مني


تساؤلاتي ، أفكاري ، حياتي ، عادت لتحوطني و ترقص رقصاتها المجنونة
موكب جنائزي ، زغاريد أعراس ، صراخ و عويل ، ضحكات هستيرية

يزداد قرع الطبول ، يزداد الهراء
و تمتلئ نفسي بالخواء

التناقض الذي أقوم به يثير غيظي ، للتو أطالب بالجنون اللحظي
و عندما حانت الفرصة ، ترددت ! ، و شعرت بأن الأمر مجرد جنون سخيف

أي نوع من الجنون أريد ؟

تناقض ، تناقض ، تناقض

لقطات من حياتي تظهر لي تباعاً بشكل مشوش كشريط فيلم معطوب
صرخات تأتي من أغواري

كفــى كفـــــــى كفـــــــــــــــــــــــــى


ه ( وصلنا ) ، قالتها جوري بسرعة
فانقطعت الأصوات مرة أخرى

هل انتبهت جوري ، لروحي المتفلتة ؟

حملتُ أغراضي و نزلت من السيارة

ثم مشينا معاً بصمت إلى الداخل ، حتى صعدت بصحبة جوري لغرفتها
هناك تمددت على سريرها و أغمضت عيناي ، لتعيد التساؤلات طرح نفسها مرة أخرى بشكل غريب

صوت قرع الطبول يعود مرة أخرى
التجاهل ، التجاهل ، هذا هو الحل
أغلق عيني بشدة و أهتف بقوة : ( جوري لننزل نسبح ) ه

تقول مبتسمة جراء هتافي اللا مبرر : ( هل أحضرتِ المنشفة ؟ ) ه

أجيب بابتسامة مماثلة : ( بالتأكيد ) ه

اتسبدلنا ملابسنا ، و في الطريق للأسـفل ، كنت أراقب الجدران و الأثاث
أحاول أن أستشف منها بعض الكلمات ، باستخدام تلك اللغة التي نتشارك بها جميعاً

لكن ، كل الجمادات هنا ميتة

فالأم وحدها ، التي تبث الحياة في كل شيء ، الأم وحدها لو رحلت تكون الأمكنة من بعدها مظلمة و إن أنيرت بالمصابيح

الأم وحدها التي لا يجب أن تموت أبداً ، لأن موتها يعني موت الأشياء كلها ، كلها

أشعر بالألم كلما تذكرت كيف توفت زوجة عمي
و أشعر بالألم أكثر كلما أذكرمسحة الحزن في وجه عمي و أبناءه

وصلنا لغرفة السباحة ، كانت مكسوة بالفسيفساء ، على اليمين توجد بركة صغيرة للأطفال ، و على الشمال يقع المسبح الكبير
يقسم المسبح الكبير لقسمين غير منفصلين
القسم الأول هو الذي أستحم به دائماً و السبب هو عمقه البسيط الذي لا يتجاوز المتر الواحد
لذا، لن أحتاج لأطواق النجاة لأن أطراف أصابعي تصل للأرض و عنقي خارج الماء

أما القسم الثاني ، فيصل عمقه إلى ثلاثة أمتار ، طبعاً لا أجرؤ على السباحة هناك

أقترب من المسبح الكبير ، و روحي تكاد تحلف أن كل الأشياء هنا خاوية من بعد رحيل زوجة عمي

وصلت عند حافة الجزء العميق
فرأيت أرضية المسبح مكسوة ببلاطات جديدة على هيئة أسماك متنوعة
فصحت:(اللــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ، لقد غيرتم أرضية المسبح ، هناك أشكال أسماك ، أسماك صغيرة ، أسماك كبيرة ، أسماك ملونة أسماك حلوة حلوة حلوة ) ه
سألت جوري و قد أسعدها هتافي : ( حلوة فقط ؟ ) ه
أقول لها بانفعال واضح : ( بل مذهلــــــــــــــــة ) ه
و بلا سابق إنذار
ركضت في محاذاة الحوض صارخة بأعلى صوت:( الغوووووووووووووص ) ، حتى وصلت للجزء الغير عميق ، فتكورت و قفزت بكل ما أوتيت من قوة داخل المسبح

عنما لامس جلدي الماء شعرت بالبرد و الغبطة
و سريعاً بدأ جسمي في الهبوط إلى القاع

صوت ضحكات جوري يأتيني من الأعلى و قد تداخلت مع أصوات اندفاع الماء في أذني
لحظات حتى وصلت إلى القاع ، عندها فردت جسدي و دفعت نفسي للأعلى بقدمي

أحب هذا التكنيك
ركض – قفز – غوص – اندفاع للأعلى

أحبه ، لأن الشعور الذي ينتابني عندما أخرج من الماء يريحني
أحس بالقوة ، و كأن الأمر كالخروج إلى السطح بعد الغرق في المآزق و الآلام
و كأنني أستطيع التخلص من الغموض و الأصوات المتداخلة و الظلمة في الأعماق بالخروج إلى النور و الوضوح

تهتف جوري و في وجهها ابتسامة عريضة : ( يا لك من جبانة تقفزين في الجزء الذي تصل أقدامك فيه إلى الأرض و عنقك خارج الماء ، اقصدي الجزء العميق ) ه
أنظر لها بانكسار و أقول بوهن : ( لكن .... لكن .... لكن أنا ، اممم ، أنتِ تعلمين ، أنا لا أجيد السباحة ) ه

تضحك : ( أنا سأعلمك ، أخرجي من البركة و تعالي باتجاه المياه العميقة ) ه

خرجت من المياه مطيعة لها ، و وقفنا - أنا وهي - على الحافة عند الجزء العميق ، أرتعش خوفاً كلما تذكرت عمق المياه تحتي ( ثلاثة أمتار ) ! عميق جداً ، سأموت بلا شك لو انزلقت رجلي و وقعتُ فيه ، و من دون أن أنتبه ، تتحرك جوري ببطء لتقف خلفي ، ثم تدفعني بغتة بكلتا يديها لأسقط في الماء

شهقت بقوة ، و صرت أصرخ برعبٍ رهيب ، و بدأت أغرق ، أغرق ، أغرق

ابتلعت كمية كبيرة من الماء ، فكتمت نفسي بسرعة ، شعرت بحرقة شديدة في حلقي
تملكني الفزع و أنا أحرك جسدي في كل الاتجاهات بطريقة هستيريه محاولة النجاة

الصور تختلط بسرعة خيالية ، لقطات تأتي و تختفي ، الهيئات تتداخل ، أسماك ملونه ، جوري تدفعني بقوة لأسقط في الماء ، بدر يبتسم ابتسامته الهادئة ، زين تركض، أبي يجلس وقوراً خلف المكتب،أمي تهمس في أذني( أنتِ حياتي) ،دلال ترمقني بنظرة خبيثة ، عمي خالد يضحك ضحكته المعتادة، زيد يشد شعري متمتماً للفتيات شعور غريبة ، خالتي نادية تجلس بهدوء أمام صينية الشاي ، محمد يودعني ، سانيا تطعم هفد ، حميد يسرح شعره أمام مرآة السيارة ، قرع الطبول يشتد ، يشتد ، أفكاري المجنونة تتراقص حولي على هيئة حلقات تضيق ، و تضيق

تساؤلاتي لماذا ؟ أين ؟ لم ؟ و متى ؟ تحكم قبضتها على رقبتي لتسرع من اختناقي فموتي

جنون مغيظ إيقاع سريع

دوم .. دوم .. دوم .. دوم .. دوم

سأمــــــوت ، لا أريد أن أموت ، لا أريد أن أغرق ، أزيد من حركاتي ، فأهبط للأعماق أسرع

بجنون ، بهستيريا ، بهيجان ما له وصف ، أحرك جميع أعضائي بكل النواحي ، حتى خارت قواي

لا فائدة من العراك مع الماء ، لا فائدة ، أصرخ في أعماقي ، ما الحـــــل؟ ، بدأت ثائرتي تتلاشى تعبت ، تعبت ، صوت الطبول يختفي تدريجياً ، وحركاتي تقل و تقل حتى هدأت

توقف كل شي ، الأصوات ، الصور ، حتى حركاتي
و صار الغموض هو سيد الموقف ، شعور غريب ، استسلام تام

حتى خيّل لي بأنني أطفو

!!بل بالفعل أنا أطفــــــــو

ربـــــــــــــاه ، جسدي بدأ بالارتفاع

إذن ، ارتخاء الجسد يساعده على الطفح
رائع ، مذهل ، عظيــــــــم

و في أثناء ارتفاعي ، كانت جوري قد نزلت للماء، ثم سحبتني للأعلى
عندما خرجت ، بدأت بالسعال و فرك عيني لتعود إلي الرؤيا الواضحة

كانت جوري تضمني إليها و تضحك بشدة قائلة : ( لم أتركك دقيقة ، يا جبانة ) ه

صمتُ و لم أجب ، فأكملتْ : ( هل فهمتِ الدرس ؟ ) ه

قلت و أنا أسعل : ( نعم ، يجب أن أرتخي حتى أطفو ، لكن لأوضح لك نقطة ، أنتِ معلمة فاشلة ) ه

ضحكتْ أكثر:( صدقتِ يا فتاة ، أنا فاشلة ، فليس القصد ما تقولين ، كنت أود تعليمك عملياً كيف هي الدنيا ؟ ) ه

نظرت لها بغباء و سألت بطريقة تنم عن عدم فهم شديد : ( ما دخل السباحة في معرفة الدنيا ؟ )ه

همست بلطف : ( مها ، لك فترة و أفكارك ثائرة و متخبطة في كل النواحي ، كنت أشعر بأنك تغرقين في قاع عميقة ، أفكارك كانت كأنها أنتِ قبل ثوانٍ في ثورتك و محاولتك للصعود ، وما كنت أحاول تعليمه لك هو الحقيقة التي تخفى على كثيرٍ من الناس ، لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره ، أفهمتِ الآن؟) ه

أنظر لها بعينين ثابتتين ثم أضمها إلي بشدة و أصرخ ( واااااااي ، أحبك أحبك أحبك ، أنتِ جوهرة ) ه

تضحك ( جوري ) بشدة قائلة : ( لا أدري أفهمتِ أم لا ، لكن أتمنى أن يصلك المعنى ) ه

طلبتُ من جوري بعدها أن نصعد لغرفتها ، فلم أعد أملك طاقة لأتعلم السباحة أو درس جديد من دروس الحياة

و هناك في غرفتها ، فتحت جهاز الكومبيوتر الخاص بها و دخلت الإنترنت ،ثم بدأت بكتابة رسالة إلى بدر

---------------------------------------------------

السلام عليكم

الغالي (بدر) ه
مساء الحب الكبير
مساء اللهفة و الوله

كيف حالك ؟ و ما أخبار دراستك ؟

أني أتحرق شوقاً لعودتك ، لأهيم بك و أطير معك في فضاءات لا حدود لها

ففي حضورك تكون الجمادات في أقصى جمالياتها
و لهذا كنت أحتفظ بالتفاصيل ، و تفاصيل التفاصيل في حنايا ذاكرتي

و حينما تختزن الصور في الذاكرة ، أنساب رويداً رويداً إلى مدارات لا أدركها

أنت – وحدك – الذي أريد أن يهتف قلبي باسمه دون انقطاع
يدك – وحدك – من تشتاق لها يدي
و روحك – وحدك – تتهلل لها روحي

طيفك ، جمال بلوري نقي ، يقف أمامه الناس متسمرين راغبين في رؤية الصفاء في زمان يفتقر للطهر

بك و لك و لأجلك أكتب ، و أنت وحدك تستحق خفقات قلبي الجذلة

أيها الأسطوري في بلاد أخرى لا أصلها

ملأتني بالألغاز ، و الأحاجي
و كنتُ في كل مرة ، أبحث و أبحث ، حتى أجد الإجابات في مكان ما
لكنك ، رحلت و تركت لي حل اللغز الأعظم دون جواب
تركت لي ( أنت ) ه


من أنتْ ..؟
كيف أتيت .. ؟
لا .. بل من أكون ؟؟
وتدور في رأسي ظلالُ تساؤلاتْ
هل كنتُ حياَّ قبل أنْ ألقاك ؟ ؟
أم أنَّ المماتْ يطوي القلوب
إذا خَلَتْ من نار شوقٍ تستعرْ
أوفيضِ دمعٍ ينهمرْ
يرج الوصالَ ومن عبِير الذكرياتْ
وتدور في رأسي ظلال تساؤلاتْ

من أنت ؟
يا من تُختصر فيك إمتداداتُ العصورْ ؟ ؟
من أنت .. يا من أوجدتْ
عيناك في الأحزانِ معنى للسرورْ
هل كانت الأيامُ حُبْلَى بالأماني قبل وعدك .. والشهورْ ؟
هل كنتُ أعرف ما الشعورْ ؟

هل كنتُ ألمسُ روعةَ الأيمانِ
والألوانِ
أو أَرَجَ الزهورْ ؟ ؟
وتظل في رأسي تدورْ حيرى
ظلال تساؤلاتْ من أنت .. ؟؟
يا من حولّتْ إحداقيَ المتحجراتْ
أَلَقَاً وأقماراً تدورْ
تطوف حولك مبهراتْ
هل كنتُ حياً قبلك ؟
أم كنتُ ثاوٍ في غياباتِ القبورْ
رمماً وبعضاً من رُفات ْ
وتدور رأسي ظلالُ تساؤلاتْ

يا أنت

يا من جئت في زمن المعاناة الطويلة
واحتضارات الخيالْ
يا من تفاجئني
تحاصرني
يا قطعةَ النُّورِ الوحيدةَ
في الَّليالي المظلماتْ
كيف استطعت وأنت في عمرِ النَّدى
أن تصنع طوقَ النجاةْ
فيحيلُ سحرك قلبيَ المدفون في قبر الحياةِ
إلي الحياةْ
*وتدور في رأسي ظلال تساؤلاتْ

أيها الأسطوري

إنني لأصلي كل يوم لله رب العالمين لكي يعيد شملنا
لأنني بوجودك أحيا ، و بقربك أعيش

بدر

ليتك تعلم أنك أخذت مني نفسي عند الفراق ، و تركت لي بقايا روح كسيرة تنتظر أن تلملم نفسها من جديد

بكل الحب أحبك ، و بكل صدق أعزك ، و بكل الشوق أشتاقك




محبتك الأزلية / مها

------------------------------------------

أعدت قراءة الرسالة مرة أخرى ، تأملتها قليلاً تنهدت كثيراً
بحرقة في القلب أمسك الفأرة و أظلل النص و أضغط على زر المسح و بدأت أكتب من جديد

--------------------------------------------

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيف حالك بدر ؟ و كيف هي دراستك ؟

أتمنى أن تكون بخير

اليوم ظهر البدر عندنا ، هل يظهر البدر في بريطانيا في نفس الوقت الذي يقرر فيه الظهور هنا ؟

لا تجب ، دعني أفكر بالموضوع أليست هذه سياستك ؟ البحث و التحري عن الإجابات

سأحاول أن أجيب و اكتم ضحكاتك- لو سمحت - إن كانت إجابتي غبية

نعود للسؤال ، مممم ، هل يظهر ؟ هل يظهر ؟ هل يظهر ؟

أنا أفكر ، لا تشوشني بنظرات الانتظار هذه

وجدتـــــــــــهــــــــا
=D

الإجابة ، نعم يظهرأتدري لماذا ؟
لأن الشهور القمرية في بلدان العالم كلها هي نفسها في الكويت
يعني منتصف الشهر القمري عندنا يكون في نفس الوقت عندكم

لكن ، مهلاً ، الساعات تختلف ، هل لهذا تأثير ؟

أووه ، بالطبع له تأثير ، كيف نسيت هذا ؟

الفرق ساعتين فقط بين الكويت و بريطانيا ؟
صح ؟

جيد

إذن أنا متأكدة الآن أننا في (أغلب الوقت) نستطيع أن نتشارك رؤية البدر
لأن الفرق ساعتين ، و الساعتين لا تجعل الليل عندنا نهار عندكم ، و لا النهار عندكم ليل عندنا

دوختك ، صح ؟
=)

لن أطيل الحديث أكثر ، فأنا لما أكتب أكون ثرثارة جداً
فقط أريد أن تعلم أنني اليوم تعلمت درساً جديداً أحببت أن أشاركك إياه
ألا وهو

لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره ، أفهمت ؟

لا أعتقد أنك ستدرك المعنى الحقيقي لهذا الدرس إلا إذا غرقت
إذهب و ارم نفسك في البحر
لا .. لا ، لا تتهور و تفعلها

كنت أمزح فقط ، كل ما في الأمر هو أن الدرس كان عملياً
درس من جوري بالطبع
فهي الوحيدة التي تملك قلباً حجرياً يسمح لها بدفعي في المياة العميقة بهدف تعليمي درس من دروس الحياة
!!!

غريبة تلك الجورية ، صح ؟
الحكاية باختصار ، دفعتني جوري لأسقط بالمسبح ، طبعاً أنا لا أجيد السباحة ، فبدأت أتحرك في الاتجاهات عبثاً للنجاة
كنت أتخبط ، حتى تعبت فاستسلمت ، عندها ارتخى جسدي و بدأت أطفو
بعدها قالت جوري درسها الغريب ذاك

لن يستطيع الإنسان الصعود أبداً إلا إذا هدأت أفكاره

أشعر بأن عبارتها عميقة بعمق المياة التي غرقت بها
لكن، لا أدري ، مازال الدرس غامضاً بعض الشيء


و لا تخش شيئاً، لم أصب بأذى، فجوري تجيد عملها بمهارة

=)


ليلة سعيدة و أحلام حلوة

مها

-------------------------------------------------------


أعدت قراءة الرسالة ، ابتسمت روحي ، ضغطت على زر الإرسال بعدما تجددت الشاشة ، و ظهرت لي رسالة
( تم لارسال )

أغلقت الجهاز و ذهبت لأنام

سأكون بخير

أعلم هذا :)


++++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++

الشعر لـ عمر عبدالدائم من ليبيا *
و تم التصرف ( قليلاً) بالنص ليتماشى مع الرسالة
لا أدري إن كان يحق لي هذا أم لا ،
لكن هذا ما حصل و المعذرة للشاعر القدير عمر عبدالدائم
^_^