Sunday, March 06, 2005

تفكير و انتظار

السماء صافية ، و من تلك الفرجة الصغيرة من نافذة غرفتي أرقب أشعة الشمس وقد ضمت الكون بحنان أمومي

و بعض أشعتها تسقط علي و كأنها تضمني أنا الأخرى.

في حين يجلس ( هفد ) في حضني يأكل معي بعض البسكويت، أعتقد أن ( هفد ) هو الضفدع الوحيد في العالم الذي يستطيع أكل البسكويت.

السكينة و الهدوء يخيمان على المكان ، و كلما تذكرت ( بدر ) تصيبني القشعريرة ، خصوصاً و أن غداً سيتقدم رسمياً لخطبتي .
من عاداتنا أن تأتي والدة الخطيب أولاً لترى الفتاة و تخطبها لولدها، ثم في يوم آخر ، يأتي الخطيب لتتم الخطبة رسمياً ، أما في حالتنا هذه ، فإن ( أم بدر ) إحدى صديقات أمي
لذا فهي تعرفني جيداً، و اتصال هاتفي كافٍ في هذه الحالة.
وافقت، و سيأتي غداً، و عندها سأترك تلك اللحظات، لرب تلك اللحظات
كل ما أملكة اليوم ، هو الدعاء لنفسي بالتوفيق .

في بعض الأحيان التي يعارضني فيها عقلي على ما أقوم به يقفز قلبي محتجاً يحاور عقلي على طريقته العقلانية
و يسأله ( لم لا ؟ ) فتكون إجابة العقل باهتة في كل مرة ، سخيفة ألف مرة .
كـ ( لا أريد أن أحاط بالأغلال و القيود ) أو ( أريد أن أعيش حياتي ) ، و هلم جراً من تلك الإجابات التي لا أجد فيها إلا الهروب من واقعٍ واقع لا محالة .

أثناء جولات أفكاري تدلف صغيرتي ( زين ) و تقطع تفكيري، المسكينة، غير معتادة على هدوئي و صمتي ، فبالنسبة لها يجب أن أكون دائماً ثائرة كالموج ، صاخبة كالعاصفة ، أدعوها لتجلس بجابني و أعطيها علبة البسكويت بعد أن وضعت ( هفد ) في حضنها.
تنظر لي باستغراب، مذهولة من هذا التصرف الذي ما كنت سأقوم به في حالتي الطبيعية ، لكني أتجاهل نظراتها و أكمل تفكيري.

قلبي يخفق كلما ذُكر (بدر) أو ذّكر أي أمر يتعلق به ، لكني لست بالحماقة التي تدفعني للموافقة لأن قلبي قرر أن يخفق!
أعلم يقيناً أن ما يجري لي الآن ، لأنه الأول في حياتي ، و لأن ابتسامته الصادقة في صورة أثرت فيني بشكل عميق
و مع هذا ، لن يحكم قلبي على مصيري ، أحتاج لعقلي ، أحتاجه بشدة ، خصوصاً في ساعة لقاءه .
أرجوك أيها العقل الكامن في جمجمتي ، لا تخذلني في تلك اللحظة .

(( مها ، هل أنت مريضة ؟ ))

بهذه الجملة قطعت ( زين ) تفكيري للمرة الثانية ، فابتسمت في وجهها ابتسامة شيطانية و قلت لها .
(( هل أنت مستعدة ؟ ))

نظرت لي ببلاهة ، فنزعت علبه البسكويت من يدها قبل أن أدعها تكمل رسم تعابير و جهها لتتطابق مع نظراتها البلهاء و ركضت هاتفة .

(( إن كنتِ بطلة تعالي و خذيها ))

فتهرع لتضع (هفد ) في صندوقه و تركض خلفي صارخة .
(( أعطني العلبة ، أريد البسكويت ))

فأقفز فوق الكرسي و أغيظها بغنائي
(( نا نا ننا نا ,, تعالي خُذيــها ,, نا نا ننا نا ))

و كلما ركضت لتقترب مني , أقفز بعيداً عنها ، و أحلق من قطعة أثاث لأخرى فيزداد صراخنا و ضجيجنا

فجأة ، و حين كنت فوق السرير أتقافز بجنون ، فُـتح الباب على مصراعيه و عند الباب كان والدي يقف بقامته العريضة شامخا مرعبا مهيبا كعادته
نزلت بسرعة البرق من على السرير ، في حين أن ( زين ) تحجرت برعب في مكانها
كان ينظر إلي بنظرة غريبة لم أفهم معناها ، و بعدها استدار و ذهب باتجاه غرفة المكتب

همست لزين بصوت يهتز ( لمَ لم تخبريني أنه موجود ؟ ) ء
و قبل أن تسعفها الكلمات ، أعطيتها علبة البسكويت و طلبت منها الخروج و تغلق الباب خلفها

ما زلت و أنا في هذا العمر ، أخشى والدي ، فصرامته مهيبة ، و كونه رجل أعمال كثير السفر
يعمل كوالدٍ لي أثناء إجازته أثر في علاقتنا بشكل سلبي
أضف إلى هذا أنه كان يلعب دور عصى التربية في كل مرة يلقانا فيها
سحبت نفسي اتجاه النافذة من جديد ، و عدت أرقب أشعة الشمس مرة أخرى ، و أنتظر الغد بفارغ الصبر

8 Comments:

Blogger Majd Batarseh said...

thank you very much for visiting youngsouls & for your kind comment, unfortunately i wont b able to post any blogs in arabic for the coming 4-5 years!! no keyboard here supports arabic characters but i will try my best to add some soon..
i enjoyed reading your blog very much ..alf mabrook & God Bless

3/08/2005 08:11:00 PM  
Blogger Hany Mihanny said...

علي فكرة أنا كمان كان عندي سلحفة افتكر انها كانت الوحيدة في العالم اللي ماكنتش بتنام الا جوه الكيسة بتاعت الكمبيوتر
بالمناسبة هو مذكر سلحفة ايه؟

3/09/2005 01:43:00 AM  
Blogger John Farid said...

سلحف

3/09/2005 08:49:00 PM  
Blogger غسان said...

مها تقطعكِ عن الكِتابة يقتل روح القصة

3/17/2005 01:22:00 AM  
Blogger maha said...

petra

يسعدني حضورك

و يحزنني جداً خبر توقفك عن الكتابة باللغة العربية

ما زلت أحب أن أتصفح مدونتك من وقت لآخر

أتمنى جداً أن تحصل على لوحة مفاتيح عربية
في أقرب وقت

3/19/2005 10:57:00 PM  
Blogger maha said...

y.mejahed

أعتقدأنا أيضاً أن سلحفتك هي السلحفاة الوحيدة بالفعل التي تنام
( جوة الكيسة بتاعت الكمبيوتر )

كم هو رائع أن نقتني الحيوانات

و لما تكون المؤنث ( سلحفة ) حقاً
سأفكر ماذا سيكون المذكر

شكراً لمشاركتك

3/19/2005 11:02:00 PM  
Blogger maha said...

prince of darkness

سلحف

!!!!

ربما

",

3/19/2005 11:04:00 PM  
Blogger maha said...

غسان

مشاركتكم أخي

هي التي تحيي فيني روح التدوين في المدونة
كل الشكر لهذا التواجد
و الاهتمام

لك التقدير و الامتنان

3/19/2005 11:07:00 PM  

Post a Comment

<< Home