اليوم الموعود جـ2
ردة فعلي صدمتني و والدي ، لم يحدث يوماً أن رفعت صوتي بكلمة في حضرة أبي ، أو أجأر بكلمة معارضة ، أو أطلب منه - مجرد طلب - بأن يفعل أمر ما
لذا توقف في مكانه دون أن يلتفت إلي وقد أن ألجمه قولي
و مع أنفاسي الوجلة المتلاحقة ، حاولت أن أشد حبالي الصوتية لأخرج الكلمات لكنها أبت أن تسعفني ، أحاول جاهدة أن أفسر ما حدث ، أن أبين له ما أريد ، أن أقول أي شي ، لكن دون فائدة
فابتلعت كمية كبيرة من الهواء ، و انتظرت لبضع ثوان حتى استرجعت أنفاسي قليلا
ثم قلت بصوت هادئ : ( أرجو أن تسامحني على وقاحتي -أبي- ، لكني أحب أن أخط حياتي الجديدة كما أريدها ، و أن أشكلها حسب قناعاتي ، أقدّر جداً ما فعلتم من إحضار أفضل خبيرة تجميل في البلاد و دفع مبلغ مالي ضخم لأجل هذا ، لكني لا أريد أن أبدأ حياتي مع بدر – إن كتب الله لنا التوفيق – بكذبة ) ه
أنفعل في الموضوع قليلاً فيرتفع صوتي و أتقدم خطوتين للأمام تأكيداً لما أريد قوله : ( لا أرغب في أن أنال رضاه عن طريق شكل زائف ، لا أحب أن يحبني لمظهري ، أنت لم ترني قبل أن أغسل وجهي ، أقسم لك أنك لن تعرفني ، تلك المرأة غيرت ملامحي كلها ، ضخمت فمي ، و صغرت أنفي و غيرت شكل عيني ، و كأنني لست أنا ! ) ه
يلتفت والدي إليّ أخيراً ، فأطرق رأسي و أخفض صوتي ، و أبذل جلّ جهدي لوزن كلماتي : ( عشت معك طوال عمري خاضعة لأوامرك ، مستسلمة لقوانينك ، متبعة لسياستك ، عشت طوال حياتي بالشكل الذي تريده أنت ، أنت وحدك ، حاولت جاهدة أن أسير على الخط الذي رسمته لي ، لا أنكر أني قد حدت عنه في بعض الأحيان ، لكني من البشر ! ، و على الرغم من أني أخطأت أحياناً إلا أن أخطائي كلها تقع ضمن المعقول ، صدقني حاولت جهدي أن أكون بارة بك ، أن أسعدك ، أن أرى الرضا دائماً يملأ محياك ، فإن كنت ستجد لنفسك السعادة و الرضا في إلغاء الخطبة ، فلك ذلك ، و سأبقى ابنتك البارة ما حييت ، لكن لن أكذب عليك و أقول اني سعيدة و راضية بذلك ) ه
أرفع رأسي فأراه قد استدار بالكامل اتجاهي ، عينيه متوجهتين نحوي مباشرة ، و الاهتمام ظاهر منهما بشدة ، فتزداد شجاعتي و أقول بحماسة : ( أرجــوك – أبي - ، امنحني الثقة ) ه
أرى شبح ابتسامة يحاول أن يفلت منه ، لكنه يكتمه ، و يتمتم : ( جهزي نفسك ) ه
ثم يستدير عائداً إلى غرفة المكتب
أقف مذهولة مما حدث و قلت و صار
!
فقد انفجرت و أخرجت كل ما بداخلي دون أن اتأكد إن كان سيرفض حقاً أم انها محض أوهام
أظن أن جملة ( أخطأت بالموافقة على زواج طفلة ) دليل رفضه ، أم أنه كان يتهكم فقط
؟!
و بسرعة أعود لغرفتي و أغلق بابها باحكام
شعور بالإنتصار يتملكني ، لا أدري أي انتصار بالضبط ! ، لكني أحس اني قد انتصرت على شي ما بداخلي ، فصرت أتقافز في مكاني ، هاتفة (يـــــــاهـــــــوووو ، يـــا أنــــا ما أروعـــك ، يا (مها) ما أقــــواك ) ثم رفعت يدي في الهواء و قد أشرت بإصبعي السبابة و الوسطى مُـشَكـِّـلة علامة الانتصار
بعد نوبة الجنون تلك ، توجهت نحو المرآة ، فضحكت بشدة ، حالي يرثى لها ، و كأنني خرجت للتو من معركة ، فبقايا الكحل المنساب جعلني و كأنني قد تلقيت لكمتين ، و تعلق بعض الأصباغ على وجنتي جعلني كمن ينتمي إلى إحدى القبائل الإفريقية
لا وقت للتزين كما ينبغي ، كل ما أستطيع أن أقوم به الآن هو إصلاح شكلي
فالوقت يداهمني
خلال تجفيفي لشعري ، كنت أفكر و أتألم لطريقة تعامل والدي معنا ، لم يكن شريراً ذا قلب كجلمود الصخر ، لكنه في الوقت نفسه لم يكن يعطينا حنان الأب الذي نحتاج إليه ، لم يضمني إليه يوماً ، لم يقبلني في صغري، و لم يحكي لي حكاية أبداً ، لا أتذكر أنه قد حملني على أكتافه ،و عند خروجنا معه كان الجو يتغلف بطابع الرسمية و الجدية، تعاملي معه دائماُ ما يكون رسمياً لدرجة مرعبة ، و مع هذا أعلم أن في داخلة رجل طيب جداً ، محب للخير
يصعب علي فهمه و التعامل معه ، لذا غالباً ما أتحاشى الجلوس معه لفترات طويلة
هذه هي الحياة ، تجمعك بأناس تعرفهم ، و لا تفهمهم
تحبهم ، و تكره تصرفاتهم
!
لما رنت الأجراس معلنة وصول (بدر) و أهله ، كنت قد انتهيت للتو من توضيب نفسي
جففت شعري و تركته منسدلاً على كتفي ، أما وجهي فلم أضع فيه شيئاً يستحق الذكر، غيرت ملابسي بعد أن هَـلكـَت القطع التي كنت أرتديها بفعل ما تناثر عليها من ماء مخلوط بأصباغ الزينة، و تحلّيت بقلادة ذهبية حوطت جيدي أهدتني إياها ( جوري ) في حفل حجابي ، و ارتديت أقراطاً ذهبية ابتعتها خصيصاً لتتماشى مع القلادة
التزين بالحد المعقول ، بالحد الذي يعطينا تأثيراً جميلاً ، لا الحد الذي يغيرنا إلى أشخاص لا نعرفهم .
أعترف أن مظهري لم يعد فاتناً كما كان قبل قليل
لكني راضية كل الرضا
شعور بالإنتصار يتملكني ، لا أدري أي انتصار بالضبط ! ، لكني أحس اني قد انتصرت على شي ما بداخلي ، فصرت أتقافز في مكاني ، هاتفة (يـــــــاهـــــــوووو ، يـــا أنــــا ما أروعـــك ، يا (مها) ما أقــــواك ) ثم رفعت يدي في الهواء و قد أشرت بإصبعي السبابة و الوسطى مُـشَكـِّـلة علامة الانتصار
بعد نوبة الجنون تلك ، توجهت نحو المرآة ، فضحكت بشدة ، حالي يرثى لها ، و كأنني خرجت للتو من معركة ، فبقايا الكحل المنساب جعلني و كأنني قد تلقيت لكمتين ، و تعلق بعض الأصباغ على وجنتي جعلني كمن ينتمي إلى إحدى القبائل الإفريقية
لا وقت للتزين كما ينبغي ، كل ما أستطيع أن أقوم به الآن هو إصلاح شكلي
فالوقت يداهمني
خلال تجفيفي لشعري ، كنت أفكر و أتألم لطريقة تعامل والدي معنا ، لم يكن شريراً ذا قلب كجلمود الصخر ، لكنه في الوقت نفسه لم يكن يعطينا حنان الأب الذي نحتاج إليه ، لم يضمني إليه يوماً ، لم يقبلني في صغري، و لم يحكي لي حكاية أبداً ، لا أتذكر أنه قد حملني على أكتافه ،و عند خروجنا معه كان الجو يتغلف بطابع الرسمية و الجدية، تعاملي معه دائماُ ما يكون رسمياً لدرجة مرعبة ، و مع هذا أعلم أن في داخلة رجل طيب جداً ، محب للخير
يصعب علي فهمه و التعامل معه ، لذا غالباً ما أتحاشى الجلوس معه لفترات طويلة
هذه هي الحياة ، تجمعك بأناس تعرفهم ، و لا تفهمهم
تحبهم ، و تكره تصرفاتهم
!
لما رنت الأجراس معلنة وصول (بدر) و أهله ، كنت قد انتهيت للتو من توضيب نفسي
جففت شعري و تركته منسدلاً على كتفي ، أما وجهي فلم أضع فيه شيئاً يستحق الذكر، غيرت ملابسي بعد أن هَـلكـَت القطع التي كنت أرتديها بفعل ما تناثر عليها من ماء مخلوط بأصباغ الزينة، و تحلّيت بقلادة ذهبية حوطت جيدي أهدتني إياها ( جوري ) في حفل حجابي ، و ارتديت أقراطاً ذهبية ابتعتها خصيصاً لتتماشى مع القلادة
التزين بالحد المعقول ، بالحد الذي يعطينا تأثيراً جميلاً ، لا الحد الذي يغيرنا إلى أشخاص لا نعرفهم .
أعترف أن مظهري لم يعد فاتناً كما كان قبل قليل
لكني راضية كل الرضا
فالتي تقف أمامي الآن في المرآة ، هي ( مها ) التي أعرفها
12 Comments:
itgoolen sidj
walla khayal
إستمري يا مها إستمري
:)
Nice :)
بغض النظر عن التفاصيل .. فقد استمتعت بالاسلوب الكتابي المتميز
للأمام
أنا فاقد الصبر لمعرفة نهاية القِصة.
Maha,
your blog is as beautiful as you look after you cleansed your face :) i remember the first time i wore makeup -which was not even noticed- it was on my graduation day and i was so uncomforatble ..i understand your feelings.. good luck :)
q8ibloger
أعد قراءة ما جاء في الرابط إن سمحت
http://mahaq8.blogspot.com/2005/03/1.html#comments
الخيال و الواقع هنا ، مندمجان ،مختلطان ، مترابطان
ليس مهماً ، أن نفصّل أي الأحداث حدثت بالفعل و أيها لم تحدث
المهم أن تقضي وقتاً ممتعاً في التنقل بين الأسطر
و إن كانت كلمة خيالي تناسبك و تريحك
إذن هو خيالي
=)
فقط استمتع بالقراءة
و عش الأحداث كما هي مكتوبة
شكراً لمرورك
esetch
استمراري يكون في استمراركم بأن تكونوا هنا
يسعدني حضورك
:)
Ra-1
^-^
bora bora
حياك الله
و أتمنى أن لا تكون الأخيرة
=P
أسعدني تواجدك و تمنياتك لي بالتوفيق
eb9ara7a
و أنا بعد ، استمتعت بمدونتك وايد
حلوة اللهجة الكويتية و طريقة تدوينك لها مميزة
شكراً لمرورك
Al_DaNa
شكراً لمرورك
أقدر جداً كل حرف سطرته في هذه الصفحة
كوني بالجوار
=)
غسان
غسان يتواجد هنا
غسان يدون شيئاً ما
و أيضاً
غسان هو من طرق باب المدونة بعد انقطاع دام أكثر من شهر
فأعاد روح التدوين لـ/مها
مها تشكر غسان بشدة
(حاولت أن أقلد أسلوب تدوينك قليلاً )
أجدها طريقة ممتعة في الكتابة
=)
أشكر حضورك الدائم
Petra
الحمد لله أن وجدت من يفهمني
المكياج بالحد المعقول رائع
لكن متى ما زاد عن حده صار ضمن
الغير مقبـول
و مع ذلك ، فإن استخدامي
للمكياج(ينرفزني) عموماً
الطبيعة و البساطة أحلى
( طبعاً رأيي الشخصي )
=)
Tattas
سعيدة -أنا- لما علمت أنك كنت تقرأ ما أدونه
و أنا الآن أكثر سعادة بتواجدك هنا
كاتبة رواية !
أفكر بهذا جدياً
;)
شكراً لحضورك
قصة جميلة يا مها.. و مشكلتنا أن مفيش ناس كتير ف شجاعتك.. مفيش ناس كتير بتحب تكون هي و اللي يحصل يحصل
مش عارف أن كنت تلومهم و لا تعطف عليهم.. بس الأكيد أنهم برضه زي ما بيبوظوا الدنيا ساعات، بيعدلوها ساعات.. لأن فيه مننا اللي مش عايز يشوف الحقيقة خالص، و يفضل أن يعيش الكدبة لغاية ما يموت.. بالنسبة له كده احسن.. و الناس دي هي الخطر الحقيقي علي صراحتك يا مها.. الناس دي هي الخطر الوحيد علي صراحتك يا مها
و علشان اقولك سر: كل الناس--حتي انتي و أنا-- فيه حتة صغيرة من النوع اللي بقولك عليه.. و الحتة دي هي اللي انتي بتقاوميها لما تقرري تكوني انتي زي ما انتي.. علشان كده اللي عملتيه كان شجاع
علاء
علاء
بالفعل ، جميعنا
يخفي بعض الحقائق
على الرغم من حبي للوضوح و الصدق
و الصراحة
إلا أنني في بعض الأمور أفضل أن أخبئ بعض الأشياء ( الصغيرة ) ليس جبناً
أو خوفاً
لكن ، في بعض الأحيان تكون مواربة الحقيقة هو الوضع الأفضل للجميع
أشكر لك حضورك
و جميل كلماتك
=)
شكراً علي كلامك الرقيق يا مها
:)
علاء
Post a Comment
<< Home