Monday, March 21, 2005

اليوم الموعود جـ2


ردة فعلي صدمتني و والدي ، لم يحدث يوماً أن رفعت صوتي بكلمة في حضرة أبي ، أو أجأر بكلمة معارضة ، أو أطلب منه - مجرد طلب - بأن يفعل أمر ما

لذا توقف في مكانه دون أن يلتفت إلي وقد أن ألجمه قولي

و مع أنفاسي الوجلة المتلاحقة ، حاولت أن أشد حبالي الصوتية لأخرج الكلمات لكنها أبت أن تسعفني ، أحاول جاهدة أن أفسر ما حدث ، أن أبين له ما أريد ، أن أقول أي شي ، لكن دون فائدة

فابتلعت كمية كبيرة من الهواء ، و انتظرت لبضع ثوان حتى استرجعت أنفاسي قليلا
ثم قلت بصوت هادئ : ( أرجو أن تسامحني على وقاحتي -أبي- ، لكني أحب أن أخط حياتي الجديدة كما أريدها ، و أن أشكلها حسب قناعاتي ، أقدّر جداً ما فعلتم من إحضار أفضل خبيرة تجميل في البلاد و دفع مبلغ مالي ضخم لأجل هذا ، لكني لا أريد أن أبدأ حياتي مع بدر – إن كتب الله لنا التوفيق – بكذبة ) ه

أنفعل في الموضوع قليلاً فيرتفع صوتي و أتقدم خطوتين للأمام تأكيداً لما أريد قوله : ( لا أرغب في أن أنال رضاه عن طريق شكل زائف ، لا أحب أن يحبني لمظهري ، أنت لم ترني قبل أن أغسل وجهي ، أقسم لك أنك لن تعرفني ، تلك المرأة غيرت ملامحي كلها ، ضخمت فمي ، و صغرت أنفي و غيرت شكل عيني ، و كأنني لست أنا ! ) ه

يلتفت والدي إليّ أخيراً ، فأطرق رأسي و أخفض صوتي ، و أبذل جلّ جهدي لوزن كلماتي : ( عشت معك طوال عمري خاضعة لأوامرك ، مستسلمة لقوانينك ، متبعة لسياستك ، عشت طوال حياتي بالشكل الذي تريده أنت ، أنت وحدك ، حاولت جاهدة أن أسير على الخط الذي رسمته لي ، لا أنكر أني قد حدت عنه في بعض الأحيان ، لكني من البشر ! ، و على الرغم من أني أخطأت أحياناً إلا أن أخطائي كلها تقع ضمن المعقول ، صدقني حاولت جهدي أن أكون بارة بك ، أن أسعدك ، أن أرى الرضا دائماً يملأ محياك ، فإن كنت ستجد لنفسك السعادة و الرضا في إلغاء الخطبة ، فلك ذلك ، و سأبقى ابنتك البارة ما حييت ، لكن لن أكذب عليك و أقول اني سعيدة و راضية بذلك ) ه

أرفع رأسي فأراه قد استدار بالكامل اتجاهي ، عينيه متوجهتين نحوي مباشرة ، و الاهتمام ظاهر منهما بشدة ، فتزداد شجاعتي و أقول بحماسة : ( أرجــوك – أبي - ، امنحني الثقة ) ه

أرى شبح ابتسامة يحاول أن يفلت منه ، لكنه يكتمه ، و يتمتم : ( جهزي نفسك ) ه

ثم يستدير عائداً إلى غرفة المكتب

أقف مذهولة مما حدث و قلت و صار
!
فقد انفجرت و أخرجت كل ما بداخلي دون أن اتأكد إن كان سيرفض حقاً أم انها محض أوهام
أظن أن جملة ( أخطأت بالموافقة على زواج طفلة ) دليل رفضه ، أم أنه كان يتهكم فقط
؟!
و بسرعة أعود لغرفتي و أغلق بابها باحكام

شعور بالإنتصار يتملكني ، لا أدري أي انتصار بالضبط ! ، لكني أحس اني قد انتصرت على شي ما بداخلي ، فصرت أتقافز في مكاني ، هاتفة (يـــــــاهـــــــوووو ، يـــا أنــــا ما أروعـــك ، يا (مها) ما أقــــواك ) ثم رفعت يدي في الهواء و قد أشرت بإصبعي السبابة و الوسطى مُـشَكـِّـلة علامة الانتصار

بعد نوبة الجنون تلك ، توجهت نحو المرآة ، فضحكت بشدة ، حالي يرثى لها ، و كأنني خرجت للتو من معركة ، فبقايا الكحل المنساب جعلني و كأنني قد تلقيت لكمتين ، و تعلق بعض الأصباغ على وجنتي جعلني كمن ينتمي إلى إحدى القبائل الإفريقية

لا وقت للتزين كما ينبغي ، كل ما أستطيع أن أقوم به الآن هو إصلاح شكلي

فالوقت يداهمني

خلال تجفيفي لشعري ، كنت أفكر و أتألم لطريقة تعامل والدي معنا ، لم يكن شريراً ذا قلب كجلمود الصخر ، لكنه في الوقت نفسه لم يكن يعطينا حنان الأب الذي نحتاج إليه ، لم يضمني إليه يوماً ، لم يقبلني في صغري، و لم يحكي لي حكاية أبداً ، لا أتذكر أنه قد حملني على أكتافه ،و عند خروجنا معه كان الجو يتغلف بطابع الرسمية و الجدية، تعاملي معه دائماُ ما يكون رسمياً لدرجة مرعبة ، و مع هذا أعلم أن في داخلة رجل طيب جداً ، محب للخير
يصعب علي فهمه و التعامل معه ، لذا غالباً ما أتحاشى الجلوس معه لفترات طويلة
هذه هي الحياة ، تجمعك بأناس تعرفهم ، و لا تفهمهم
تحبهم ، و تكره تصرفاتهم
!

لما رنت الأجراس معلنة وصول (بدر) و أهله ، كنت قد انتهيت للتو من توضيب نفسي
جففت شعري و تركته منسدلاً على كتفي ، أما وجهي فلم أضع فيه شيئاً يستحق الذكر، غيرت ملابسي بعد أن هَـلكـَت القطع التي كنت أرتديها بفعل ما تناثر عليها من ماء مخلوط بأصباغ الزينة، و تحلّيت بقلادة ذهبية حوطت جيدي أهدتني إياها ( جوري ) في حفل حجابي ، و ارتديت أقراطاً ذهبية ابتعتها خصيصاً لتتماشى مع القلادة

التزين بالحد المعقول ، بالحد الذي يعطينا تأثيراً جميلاً ، لا الحد الذي يغيرنا إلى أشخاص لا نعرفهم .

أعترف أن مظهري لم يعد فاتناً كما كان قبل قليل
لكني راضية كل الرضا
فالتي تقف أمامي الآن في المرآة ، هي ( مها ) التي أعرفها

12 Comments:

Blogger MASS said...

itgoolen sidj
walla khayal

3/22/2005 01:58:00 AM  
Blogger esetch said...

إستمري يا مها إستمري

3/22/2005 08:08:00 AM  
Blogger Ra-1 said...

:)

3/22/2005 09:06:00 AM  
Blogger Eb9ara7a and his Wife said...

Nice :)
بغض النظر عن التفاصيل .. فقد استمتعت بالاسلوب الكتابي المتميز
للأمام

3/22/2005 02:14:00 PM  
Blogger غسان said...

أنا فاقد الصبر لمعرفة نهاية القِصة.

3/22/2005 03:26:00 PM  
Blogger Majd Batarseh said...

Maha,
your blog is as beautiful as you look after you cleansed your face :) i remember the first time i wore makeup -which was not even noticed- it was on my graduation day and i was so uncomforatble ..i understand your feelings.. good luck :)

3/22/2005 07:48:00 PM  
Blogger maha said...



q8ibloger

أعد قراءة ما جاء في الرابط إن سمحت

http://mahaq8.blogspot.com/2005/03/1.html#comments

الخيال و الواقع هنا ، مندمجان ،مختلطان ، مترابطان
ليس مهماً ، أن نفصّل أي الأحداث حدثت بالفعل و أيها لم تحدث

المهم أن تقضي وقتاً ممتعاً في التنقل بين الأسطر

و إن كانت كلمة خيالي تناسبك و تريحك
إذن هو خيالي
=)


فقط استمتع بالقراءة
و عش الأحداث كما هي مكتوبة
شكراً لمرورك



esetch

استمراري يكون في استمراركم بأن تكونوا هنا
يسعدني حضورك
:)


Ra-1

^-^

3/25/2005 03:35:00 PM  
Blogger maha said...


bora bora

حياك الله
و أتمنى أن لا تكون الأخيرة
=P

أسعدني تواجدك و تمنياتك لي بالتوفيق



eb9ara7a

و أنا بعد ، استمتعت بمدونتك وايد
حلوة اللهجة الكويتية و طريقة تدوينك لها مميزة


شكراً لمرورك


Al_DaNa

شكراً لمرورك
أقدر جداً كل حرف سطرته في هذه الصفحة

كوني بالجوار
=)

3/25/2005 03:50:00 PM  
Blogger maha said...


غسان

غسان يتواجد هنا
غسان يدون شيئاً ما

و أيضاً
غسان هو من طرق باب المدونة بعد انقطاع دام أكثر من شهر
فأعاد روح التدوين لـ/مها

مها تشكر غسان بشدة

(حاولت أن أقلد أسلوب تدوينك قليلاً )
أجدها طريقة ممتعة في الكتابة
=)

أشكر حضورك الدائم


Petra

الحمد لله أن وجدت من يفهمني

المكياج بالحد المعقول رائع
لكن متى ما زاد عن حده صار ضمن
الغير مقبـول

و مع ذلك ، فإن استخدامي
للمكياج(ينرفزني) عموماً

الطبيعة و البساطة أحلى
( طبعاً رأيي الشخصي )
=)


Tattas

سعيدة -أنا- لما علمت أنك كنت تقرأ ما أدونه
و أنا الآن أكثر سعادة بتواجدك هنا

كاتبة رواية !

أفكر بهذا جدياً
;)

شكراً لحضورك

3/25/2005 04:14:00 PM  
Blogger Muhammad Aladdin said...

قصة جميلة يا مها.. و مشكلتنا أن مفيش ناس كتير ف شجاعتك.. مفيش ناس كتير بتحب تكون هي و اللي يحصل يحصل
مش عارف أن كنت تلومهم و لا تعطف عليهم.. بس الأكيد أنهم برضه زي ما بيبوظوا الدنيا ساعات، بيعدلوها ساعات.. لأن فيه مننا اللي مش عايز يشوف الحقيقة خالص، و يفضل أن يعيش الكدبة لغاية ما يموت.. بالنسبة له كده احسن.. و الناس دي هي الخطر الحقيقي علي صراحتك يا مها.. الناس دي هي الخطر الوحيد علي صراحتك يا مها
و علشان اقولك سر: كل الناس--حتي انتي و أنا-- فيه حتة صغيرة من النوع اللي بقولك عليه.. و الحتة دي هي اللي انتي بتقاوميها لما تقرري تكوني انتي زي ما انتي.. علشان كده اللي عملتيه كان شجاع

علاء

4/15/2005 05:28:00 AM  
Blogger maha said...

علاء

بالفعل ، جميعنا
يخفي بعض الحقائق

على الرغم من حبي للوضوح و الصدق
و الصراحة

إلا أنني في بعض الأمور أفضل أن أخبئ بعض الأشياء ( الصغيرة ) ليس جبناً
أو خوفاً

لكن ، في بعض الأحيان تكون مواربة الحقيقة هو الوضع الأفضل للجميع

أشكر لك حضورك
و جميل كلماتك

=)

4/16/2005 02:20:00 AM  
Blogger Muhammad Aladdin said...

شكراً علي كلامك الرقيق يا مها
:)

علاء

4/17/2005 11:23:00 PM  

Post a Comment

<< Home